والجوهر لا جنس له ولا فصل فلا حد له وما ذكر من التعريف فهو رسم له لا حد حقيقي. ولما كانت التجليات الإلهية المظهرة للصفات متكثرة بحكم ( كل يوم هو في شأن) صارت الاعراض متكثرة غير متناهية. وهذا التحقيق ينبهك على ان الصفات من حيث تعيناتها في الحضرة الأسمائية حقايق متميزة بعضها عن بعض وان كانت راجعة إلى حقيقة واحدة مشتركة بينها من وجه آخر، كما ان مظاهرها حقايق متمايزة بعضها عن بعض مع كونها مشتركة في العرضية، لان كل ما في الوجود دليل وآية على ما في الغيب (5).
تنبيه بلسان أهل النظر اعلم، ان الممكنات منحصرة في الجواهر والاعراض (6). والجوهر عين الجواهر في الخارج (7) وامتياز بعضها عن البعض بالاعراض اللاحقة له (8)، وذلك لان الجواهر كلها مشتركة في الطبيعة الجوهرية وممتازة بعضها عن بعض بأمور غير مشتركة فتلك الأمور المميزة خارجة عن الطبيعة الجوهرية فيكون اعراضا.
لا يقال، لم لا يجوز ان يكون الجوهر عرضا عاما لها؟
لأنا نقول، العرض العام انما يغاير افراد معروضه في العقل لا في الخارج، فهو بالنظر إلى الخارج عين تلك الافراد والا لا يكون محمولا عليها بهو هو و هو المطلوب.
وأيضا، لو كانت الطبيعة الجوهرية عرضا عاما خارجا عن الجواهر في الخارج لكانت الحقايق الجوهرية غير جواهر في أنفسها وذواتها من حيث أنها معروضة لها إذ العارض غير المعروض ضرورة.
وأيضا، ان كانت تلك الطبيعة موجودة بوجود غير وجود افرادها لكانت كالاعراض فلا يحمل عليها بالمواطاة، ولكان انعدام الطبيعة الجوهرية غير موجب لانعدامها لكونها خارجة عنها، وانعدام اللازم البين ليس موجبا لانعدام ملزومه بل علامة له (9)، كما مر في الوجود، وان لم يكن موجودة لكانت الافراد