شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٤٤
آخر، بل جزموا على أنه لا يمكن أن يكون أقل منه) (3) (والذي دونه فلك الزهرة و فلك الكاتب) أي، عطارد. (وفلك القمر وكرة الأثير وكرة الهواء وكرة الماء وكرة التراب) وإنما سمى العناصر أكرا، وإن كان سماها أفلاكا من قبل، بناء على المصطلح المشهور. (فمن حيث هو قطب الأفلاك هو رفيع المكان) أي فمن حيث إن فلك الشمس في وسط الأفلاك هو رفيع المكان بالنسبة إلى ما تحته، ورفيع المكانة من حيث قطبيته وكونه وسطا عليه مدار الأفلاك، كما أن مدار العالم على وجود الإنسان الكامل. ولا يريد به القطب الاصطلاحي لأهل الهيئة، و هو النقطة التي في كل من طرفي المحور.
ويجوز أن يكون الضمير في قوله: (هو رفيع المكان) عائدا إلى (إدريس)، عليه السلام، والضمير الأول (الفلك). أي، فمن حيث إن فلك الشمس هو قطب الأفلاك، فإدريس رفيع المكان. لذلك قال: (وأما علو المكانة فهو لنا) أي، له المكان العلى بالنص الإلهي. والرفعة والمكانة لنا، لأنه ما وصل إلى الفناء في الحق والبقاء به، بل ارتاض حتى تبدلت هيئات بشريته وأوصاف إنسانيته بالصفات الإلهية والهيئات الروحانية. وما حصل له الفناء في الذات الموجب للاتصاف بالعلو الذاتي والمكانة المطلقة، لذلك صار مقام روحانية فلك الشمس. وذلك المقام لنا (أعني، المحمديين. قال تعالى: (وأنتم الأعلون)) مخاطبا لهذه الأمة، كما قال: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس).
((والله معكم) في هذا العلو، وهو يتعالى عن المكان لا عن المكانة). أي، الحق من حيث إطلاقه، وإن كان له العلو الذاتي الذي هو أصل أنواع العلو، مشارك معنى في العلو المرتبي أو يحكم أنه معنى يكون له العلو أيضا، لكنه يتعالى عن العلو المكاني، فإنه من خواص الأجسام. فعلوه علو المكانة.

(3) - ما ذكره الشارح عن الشيخ الكبير غير موجود في الباب الذي ذكره. وفي باب الخامس و التسعين ومائتان عبارات تقرب بما ذكره الشارح. (ج)
(٥٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 541 542 543 544 545 546 547 548 549 ... » »»