شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٣٢
منهم من يتحقق بمقام الإمامين الذين هما في يمين القطب ويساره كالوزيرين للسلطان، ومنهم من يبقى من الأبدال السبعة وهم الأقطاب المدبرون للأقاليم السبعة، وغير ذلك من مراتب الأولياء. ومن لم يرجع من تلك الحضرة الرفيعة، يلحق بالملائكة المهيمة.
(قال نوح: رب. ما قال: إلهي. فإن الرب له الثبوت، والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن. فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو). أي، خص اسم (الرب) في دعائه مضافا إلى نفسه، لأن الرب، في أي اسم كان وصفة، لا يقتضى إلا المربوب، فهو ثابت في ربوبيته للعباد، ليقضى حوائجهم ويكفي مهماتهم. وأما (الإله) فغير مقيد بصفة معينة واسم مخصوص، لأنه مشتمل على جميع الصفات والأسماء، فإذا دعاه الداعي بقوله: يا إله، أو: يا الله، لم يدعه إلا من حيث اسم مخصوص مناسب لما يدعو. فإن المريض، مثلا، إذا التجى إلى هذا الاسم، فإنما يلتجي إليه من كونه شافيا وواهبا للعافية. والغريق إذا قال:
يا الله، فإنما يلتجي إلى هذا الاسم من كونه مغيثا ومنقذا، ونحو ذلك. فيتنوع في الأسماء بحسب ظهوراته بالإحياء والإماتة والإيجاد والإعدام، إذ (كل يوم هو في شأن). وإضافة الإله إلى نفسه لا يخرجه عن مقام إطلاقه، إذ هو إله الكل بخلاف الرب، فإن رب موجود معين، ليس ربا لغيره، وإن كان الرب المطلق رب الكل. فالرب يتقيد بالإضافة والإله لا يتقيد. فأراد نوح، عليه السلام، في دعائه بالاسم (الرب)، ما هو ثابت في ربوبيته كاف لمهماته قاض لمراداته في عين التلوين، أي، في عين تلوينات نوح، عليه السلام، في مراتبه الروحانية والقلبية.
(إذ لا يصح إلا هو) أي، إذ لا يصح في الترقي في الدرجات إلا ثبوت مقام التلوين، فإنه بالتلوين يترقى من مقام إلى مقام. قال الشيخ (رض) في اصطلاحاته: (إن مقام التلوين أعلى من مقام التمكين). ويريد به التلوين في الأسماء بعد الوصول، أو التلوين في مقامات القلب والروح لا النفس (22) فإنه

(22) - بل مراد الشيخ من التلوين الذي أعلى المقامات هو التلوين الحاصل للسالك بعد الرجوع إلى مملكته، وبقائه بعد فنائه، فإن في ذلك المقام أيضا تلوين لا يشبه تلوينات قبل الوصول وبعده. وعند التفتيش، أن هذا التلوين مع كونه أعلى مراتب التلوين أعلى مراتب التمكين أيضا. (الإمام الخميني مد ظله)
(٥٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 ... » »»