شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٥٥
الإسمين واحد بحكم أحدية العين، وهو الحق، والسامع أيضا عينه لا غيره، كما (يقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (وما حدثت به أنفسها).) بضم السين على أنه فاعل (حدثت). وهو إشارة إلى ما ثبت في الصحيح أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل).
(فهي المحدثة السامعة حديثها العالمة بما حدثت به نفسها، والعين واحدة وإن اختلفت الأحكام. ولا سبيل إلى جهل مثل هذا، فإنه يعلمه كل إنسان من نفسه).
أي، فالأنفس هي المحدثة وهي السامعة لحديثها وهي العالمة بما حدثت به، لا غيرها، فالعين واحدة وإن اختلفت الأحكام الصادرة منها بحسب قواها من النطق والسمع والعلم. فكذلك المتكلم بلسان الباطن والظاهر وكل من الأسماء المتقابلة واحد. يعلم ذلك ذوقا كل إنسان من نفسه.
(وهو صورة الحق). أي، والإنسان الذي يعلم هذا من نفسه هو صورة الحق. وهو السامع والمتكلم حديث نفسه، فيلزم أن يكون الحق الذي هو على صورته كذلك، كما قال، عليه السلام: (إن الله خلق آدم على صورته) (12) (فاختلطت الأمور وظهرت الأعداد بالواحد في المراتب المعلومة كلها) (13)

(12) - وما ذكر في تحقيق العدد أحد المقربات لقوله: (خلق الله آدم على صورته). فإن الوحدة باعتبار أحدية جمع الكثرة صار مثالا للحق، حتى قال مولانا السجاد، عليه السلام: (لك يا إلهي وحدانية العدد). الإنسان أيضا بوحدته كل التعينات الخلقية والأمرية، وله أحدية جمع الكثرة، فهو، تعالى شانه، على صورته، وصورة الإنسان مثاله تعالى. وهاهنا تحقيقات أخر ليس مقام ذكرها. (الإمام الخميني مد ظله) (13) - قد ورد في زبور آل محمد، صلى الله عليه وآله وسلم: (لك يا إلهي وحدانية العدد). وفي بعض كلماتهم ورد في وصفه تعالى: (واحد لا بالعدد). فأثبت وحدانية العدد باعتبار أحدية جمع الكثرات، وانطواء الكثرات واستهلاكها فيه، وظهوره في الكثرات، ونفى الوحدة العددية، أي الواحد المقابل للاثنين، فإنه لم يكن ساريا في مراتب الأعداد، بل الواحد الساري غيب في حجاب التعينات وظاهر بها. وهذا أيضا مثال آخر للحق، فإنه تعالى بمرتبة غيبه محجوب عن الأبصار وهو اللطيف الخبير، وبعين ما غاب ظهر. فإن التعينات الأسمائية والأفعالية حجابه وظهوره، فهو تعالى محجوب بسبعين ألف حجاب من نور وظلمة، وظاهر بها، كما أن الواحد محجوب في الأعداد وظاهر بها. فإن اللا بشرط المطلق لا ظهور له إلا في تعيين المتعينات. وهذا من أسرار الكلى الطبيعي الذي هو أيضا مثال للحق. له الأسماء الحسنى والأمثال العليا. (الإمام الخميني مد ظله)
(٥٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 ... » »»