شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٣٨
كالعقول. و (المؤمنات) بالنفوس، أي المنطبعة المطمئنة، إذا (النفس) في اصطلاح هذه الطائفة لا يطلق إلا بها، لا بالناطقة المجردة، كاصطلاح الحكماء، لأنها هي المنفعلة عن الروح أولا، ثم بواسطتها ينفعل الطبيعة الجسمية والبدن.
((ولا تزد الظالمين)) أي، المستترين بالغواشي التي توجب الظلمات، لذلك قال: (من الظلمات) أي، مأخوذة من الظلمات، كما قال، عليه السلام: (الظلم ظلمات يوم القيامة). (أهل الغيب المكتنفين خلف الحجب الظلمانية) منصوب على أنه عطف بيان (الظالمين). والمراد منه العارفون بالغيب وإن كانوا ظاهرين بالحجب الظلمانية التي يسترهم كالملامية. وهؤلاء هم الذين جاء في حقهم: (أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري) (26) ((إلا تبارا) أي، هلاكا) أي، هلاكا فيك. (فلا يعرفون نفوسهم لشهودهم وجه الحق دونهم). أي، إذا هلكوا فيك، فلا يعرفون نفوسهم ولا يشعرون بذواتهم ولا يظهرون بإنياتهم، لشهودهم وجه الحق الباقي أبدا دون أنفسهم، لئلا يحتجبوا بها عن الحق.
(في المحمديين: (كل شئ هالك إلا وجهه) وذاته. و (التبار) الهلاك).
أي، كما جاء في حق المحمديين وفي كتابهم: (كل شئ هالك إلا وجهه). وذاته، والتبار الهلاك، فطلب نوح، عليه السلام، الهلاك فيه بقوله: (ولا تزد الظالمين إلا تبارا).
(ومن أراد أن يقف على أسرار نوح، فعليه بالترقي في فلك يوح). (يوح)،

(26) - ليس المراد بالأولياء الذين تحت قبابه ما ذكره الشارح، فإنهم كالملائكة المهيمية المشار إليهم بقوله تعالى: (ن والقلم وما يسطرون) ليسوا في الحجب الظلمانية، ولا يعرفون نفوسهم، فإن من عرف نفسه وأثبت لها الإنية، لم يكن ولى الله ولم يكن تحت قبته تعالى، بل ولى نفسه وتحت قبتها. فالمقصود بالظالمين هم الذين فنوا، لكنهم لم يفنوا عن فنائهم لشهود أنفسهم، فدعا لهم أن يفنوا عن فنائهم حتى لا يروا إلا وجه الحق، كالمحمديين الذين ورد في حقهم: (كل شئ هالك إلا وجهه). فشاهدوا هلاك كل شئ حتى نفوسهم، إلا الوجه الحق الباقي. وهاهنا تحقيق آخر ليس مجال تحريره. (الإمام الخميني مد ظله)
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 541 542 543 544 ... » »»