والباطنية ثابتة للوجود العلمي والآخرية والظاهرية للعيني، والأشياء ما لم توجد في العلم لم يمكن وجودها في العين. والأعيان بحسب امكان وجودها في الخارج و امتناعها فيه ينقسم إلى قسمين: الأول الممكنات والثاني الممتنعات، وهي قسمان:
قسم يختص بفرض العقل إياه كشريك الباري واجتماع النقيضين والضدين في موضوع خاص ومحل معين وغيرها، وهي أمور متوهمة ينتجها العقل المشوب بالوهم (10). وعلم الباري، جل ذكره، يتعلق بهذا القسم من حيث علمه بالعقل والوهم ولوازمهما من توهم مالا وجود له ولا عين وفرضهما إياه لا من حيث ان لها ذواتا في العلم أو صورا أسمائية والا يلزم الشريك في نفس الامر والوجود (11). قال الشيخ، رضى الله عنه، في الفتوحات في ذكر أولياء الناهين عن المنكر (12) من الباب الثالث والسبعين: (فلم يكن ثمة شريك له عين أصلا بل هو لفظ ظهر تحته العدم المحض، فأنكرته المعرفة بتوحيد الله الوجودي فيسمى منكرا من القول وزورا).
وقسم لا يختص بالفرض بل هي أمور ثابتة في نفس الأمر موجودة في العلم لازمة لذات الحق لأنها صور للأسماء الغيبية المختصة بالباطن من حيث هو ضد الظاهر إذ للباطن وجه يجتمع مع الظاهر ووجه لا يجتمع معه (13) وتختص الممكنات بالأول والممتنعات بالثاني. وتلك الأسماء هي التي قال، رضى الله عنه، في فتوحاته: (واما الأسماء الخارجة عن الخلق والنسب فلا يعلمها الا هو لأنه لا تعلق لها بالأكوان). وإلى هذه الأسماء أشار النبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: (أو استأثرت به في علم غيبك). ولما كانت هذه الأسماء بذواتها طالبة للباطن هاربة عن الظاهر لم يكن لها وجود فيه، فصور هذه الأسماء وجودات علمية ممتنعة الاتصاف بالوجود العيني ولا شعور لأهل العقل بهذا القسم و لا مدخل للعقل فيه (14). والاطلاع بأمثال هذه المعاني انما هو من مشكاة النبوة والولاية والايمان بهما. فالممتنعات حقايق الهية من شأنها عدم الظهور في الخارج كما ان من شأن الممكنات ظهورها فيه.