عرف الحق ومظاهره، ويجهله من جهل الحق ومظاهره.
(في المحمديين: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه). أي، حكم) وجاء في حق المحمديين: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه). أي، حكم أزلا رب محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو الاسم (الله) الجامع، أن لا تعبدوا إلا الله الجامع للأرباب، ولا تعبدوا الأرباب المتفرقة.
(فالعالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حتى عبد، وأن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة، وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية). فالعالم بالله ومظاهره يعلم أن المعبود هو الحق في أي صورة كانت، سواء كانت حسية كالأصنام، أو خيالية كالجن، أو عقلية كالملائكة. ويعلم أن التفريق والكثرة مظاهر لأسمائه وصفاته، وهي كالأعضاء في الصورة الإنسانية: فإن العين مظهر للإبصار، والأذن للسمع، والأنف للشم، واليد للبطش، وكالقوى الروحانية، كالعقل والوهم والذاكرة والحافظة والمفكرة والمتخيلة، فإنها كلها مظاهر لصفات الروح. (فما عبد غير الله في كل معبود). إذ لا غير في الوجود.
(فالأدنى من تخيل فيه الألوهية) أي، فالأدنى مرتبة من العابدين من تخيل - على البناء للفاعل - في معبوده الأولوهية، أي، ما علم يقينا أنه مظهر من مظاهر الحق، بل توهم فيه الألوهية. وأما على البناء للمفعول، فمعناه: وأدنى مرتبة في مرتبة من مراتب المعبودين من تخيل فيه أنه إله. والأول أنسب لقوله بعده:
(والأعلى ما تخيل) على النباء الفاعل. (بل قال: هذا مجلي). (فلو لا هذا التخيل) أي تخيل الألوهية. (ما عبد الحجر ولا غيره) لأنه جماد ظاهر لا حس له ولا حركة، فلو لا أنه تخيل هذا العابد فيه الألوهية، ما عبده أصلا. (ولهذا قال) أي، الحق لنبيه الزاما للكفرة وإفحاما لهم: ((قل سموهم) فلو سموهم، لسموهم شجرا أو حجرا أو كوكبا. ولو قيل لهم: من عبدتم؟ لقالوا: إلها). أي، ربا من الأرباب المتفرقة، أو إلها من الآلهة المتكثرة. (ما كانوا يقولون الله ولا الإله). ما كانوا يقولون: نعبد الله الجامع للآلهة والأرباب، ولا نعبد الإله، أي، المعبود المعين الذي هو معبود الكل.