شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٢٣
وفاعل (نبه) ضمير يرجع إلى نوح، أو إلى الحق. أي، نبههم على أن الملك كله لله، ليس كما تخيلوا أنه لهم.
(فجاء المحمدي، وعلم أن الدعوة إلى الله ما هي من حيث هويته، وإنما هي من حيث أسمائه، فقال: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا). فجاء بحرف الغاية و قرنها بالاسم، فعرفنا أن العالم كان تحت حيطة اسم إلهي أوجب عليهم أن يكونوا متقين). فجاء القلب المحمدي، أو الداعي المحمدي، وعلم أن الدعوة إلى الله ليست من حيث هوية الحق، لأنها موجود في كل موجود، وإنما هي من حيث أسمائه، أي، يدعوا الخلق من الأسماء الجزئية التي يعبدونها إلى الاسم الجامع الإلهي وهو (الله) و (الرحمن). كما قال تعالى: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا). أي، نحشر الذين يتقون من الأمور المقيدة الحاجبة لهم عن أنوار الاسم الجامع الموجبة للظلمة والضلالة، إلى الاسم الجامع الرحماني. (فجاء بحرف الغاية) وهو (إلى). و (قرنها بالاسم الرحماني). ليعلم أن العالم من حيث إنه أسماء إلهية، أي مظهر أسماء إلهية جزئية كانت أو كلية، تحت إحاطة اسم إلهي و هو (الله) و (الرحمن) أزلا. فأوجب ذلك الاسم على أهل العالم أن يكونوا متقين محترزين عن عبادة أسماء الجزئية دائما، ليعبدوا الله بجميع أسمائه، لأن العابد لله عابد لجميع الأسماء لأنها داخلة فيه، وأما عابد (المنعم) مثلا، ليس عابد (المنتقم) فما يعبد الله من حيث جميع أسمائه، لذلك قال: (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار؟) (فقالوا في مكرهم: (لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث و يعوق ونسرا). فإنهم إذا تركوهم، جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء، فإن للحق في كل معبود وجها، يعرفه من عرفه ويجهله من جهله). أي، قال قومه في مكرهم معه، ليدعو عليهم: (لا تذرن آلهتكم). وهي (ود) و (سواع) و (يغوث) و (يعوق) و (نسر). لأن هوية الحق ظاهرة فيهم، كما في غيرهم. فلو تركوهم، جهلوا من مظاهر الحق على قدر ما تركوا، لأن للحق في كل معبود و موجود وجها، إذ الوجه الباقي مع كل شئ يعرفه، أي، يعرف هذا المعنى من
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»