فيه). أي، وجاء في حق نوح وقومه: (أن لا تتخذوا من دوني وكيلا). فأثبت الملك لقوم نوح على ما زعموا إن ما في أيديهم، من المال والعمر والآلات البدنية والقوى والكمالات، ملك لهم، وطلب منهم أن يتخذوه وكيلا في أمورهم وفي ملكهم. وإنما قال: (وفي نوح) وإن كانت الآية في بنى إسرائيل، كقوله تعالى:
(وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا).
لقوله بعدها: (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا). فجعل بنى إسرائيل من ذرية قوم نوح. (فهم مستخلفون فيهم، فالملك لله). أي، فالمحمديون مستخلفون، بفتح اللام، في أنفسهم وفي كل ما لهم من الكمالات. وإذا كان كذلك، فالملك لله وحده.
(وهو وكيلهم فالملك لهم، وذلك ملك الاستخلاف). أي، الحق وكيل قوم نوح، كما قال فيهم: (أن لا تتخذوا من دوني وكيلا). فالملك لهم. وذلك ملك الاستخلاف والتبعية لا الأصالة، لأن الملك بالأصالة لله وحده. ولما عرف المحمديون هذا المقام بالكشف والشهود أن لا ذات ولا كمال ولا وجود إلا لله، جاء في حقهم من الله ما طابق كشفهم وفهمهم وما مكر معهم. وقوم نوح لما تخيلوا أن ما في أيديهم ملكهم ولهم، جاء في حقهم ما صدقهم، مكرا من الله معهم وتجليا منه لهم على حسب اعتقادهم. فإن الحق لا بد أن يتجلى يوم القيامة على حسب اعتقاد المعتقدين، كما قال: (أنا عند ظن عبدي بي).
(وبهذا كان الحق (ملك الملك) كما قال الترمذي) أي، وبسبب أن الحق أثبت ملك الاستخلاف للعباد الكمل وجعل نفسه وكيلا منهم، (20) وللموكل أن