مع الحق بلا واسطة. والأعيان من حيث انها أرواح للحقايق الخارجية ولها جهة المربوبية تقبل الفيض بالأولى وترب صورها الخارجية بالثانية. فالأسماء مفاتيح الغيب والشهادة مطلقا والأعيان الممكنة مفاتيح الشهادة. ولما كان الفيض عليها وعلى الأسماء كلها من حضرة الجمع من غير انقطاع بحسب استعداداتها، نسب الشيخ، رضى الله عنه، في الكتاب، الفيض مطلقا إلى حضرة الجمع والقابلية إلى الأعيان وان كانت هي أيضا فياضة إلى ما تحتها من الصور من حيث ربوبيتها.
فلا يتوهم متوهم ان الأعيان لها جهة القابلية فقط، والأسماء لها جهة الفاعلية فقط.
وان الأسماء ينقسم إلى ماله التأثير وإلى ماله التأثر، فيجعل البعض منها فاعلا مطلقا والآخر قابلا مطلقا، والله العالم.
هداية للناظرين (40) الماهيات (41) كلها وجودات خاصة علمية، لأنها ليست ثابتة في الخارج منفكة عن الوجود الخارجي ليلزم الواسطة بين الموجود والمعدوم كما ذهبت إليه المعتزلة ، لان قولنا الشئ اما ان يكون ثابتا في الخارج واما ان لا يكون، بديهي. والثابت في الخارج هو الموجود فيه بالضرورة وغير الثابت هو المعدوم، وإذا كان كذلك فثبوتها حينئذ منفكة عن الوجود الخارجي في العقل وكل ما في العقل من الصور فايضة من الحق وفيض الشئ من غيره مسبوق بعلمه به فهي ثابتة (42) في علمه تعالى، وعلمه (43) وجوده (44) لأنه ذاته. فلو كانت الماهيات غير الوجودات المتعينة في العلم لكان ذاته تعالى محلا للأمور المتكثرة المغايرة لذاته تعالى حقيقة (45) و هو محال (46) وما يقال، بانا نتصور الماهية مع ذهولنا عن وجودها، انما هو بالنسبة إلى الوجود الخارجي، إذ لو نذهل عن وجودها الذهني لم يكن في الذهن شئ أصلا، ولو سلم ذهولنا عن وجودها الذهني مع عدم الذهول عنها لا يلزم أيضا انها يكون غير الوجود مطلقا (47) لجواز ان يكون الماهية وجودا خاصا يعرض لها الوجود