أبديا. وهذا معنى ما يقال: إن القرآن يرفع إلى السماء، لأنه خلق الكامل، كما قالت عائشة: (وكان خلقه القرآن). بل هو القرآن والكتاب المبين الإلهي. كما قال، رضى الله عنه:
أنا القرآن والسبع المثاني * وروح الروح لا روح الأواني فؤادي عند مشهودى مقيم * يشاهده وعندكم لساني (71) قال أمير المؤمنين على، كرم الله وجهه:
وأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر وجاء في الخبر أيضا: (أن الحق تعالى ينزع العلم بانتزاع العلماء حتى لم يبق على وجه الأرض من يعلم مسألة علمية ومن يقول: الله الله، ثم عليهم تقوم القيامة) (72) وكون الكامل ختما على خزانة الآخرة، دليل على أن التجليات الإلهية لأهل الآخرة إنما هي بواسطة الكامل كما في الدنيا، والمعاني المفصلة لأهلها متفرعة عن مرتبته ومقام جمعه أبدا، كما تفرع منها أزلا، فما للكامل من الكمالات في الآخرة لا يقال بماله من الكمالات في الدنيا، إذ لا قياس لنعم الآخرة بنعم الدنيا. وقد جاء في الخبر الصحيح: (إن الرحمة مأة جزء. جزء منها لأهل الدنيا، وتسعة وتسعون لأهل الآخرة) (73) ومن يتحقق بهذا المقام ويمعن النظر فيه، يظهر له عظمة الإنسان الكامل وقدره.