على ما وهبت. يقال: فلان وقف مع فلان وواقف معه. إذا لم يتعد عنه في السير.
ولم يقف معه. إذا تعدى عنه. وهذا الكلام إشارة إلى ما مر من أن جميع الموجودات ما يأخذون كمالهم إلا من مرتبة الإنسان الكامل، ولا يحصل لهم المدد في كل آن إلا منها، لأن الأسماء كلها مستمدون من اسم (الله) الذي هذا الكامل مظهره. ويجوز إن يراد ب (النشأة) ههنا نشأة رتبته الجامعة للنشأتين، و يجوز أن يراد النشأة الروحانية وحدها.
قوله: (ولا وقفت مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية) بيان سبب آخر، لذلك أعاد قوله: (ولا وقفت). وقوله: (من العبادة) بيان (ما).
وصلة (تقتضيه) محذوفة. تقديره: مع ما تقتضيه حضرة الحق ويطلبه منهم من العبادة. ومعناه: أنهم ما وقفوا على ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة التي تقتضيها ذواتهم أن يعبد الحق بحسب الأسماء التي صارت مظاهر لها بالانقياد و الطاعة لأمره، أو العبادة التي يقتضيها الذات الإلهية أن يعبد بها. و حضرة الحق حضرة الذات، إذ (الحق) اسم من أسماءها.
قوله: (فإنه ما يعرف أحد من الحق إلا ما تعطيه ذاته) تعليل لعدم الوقوف مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة، أي، لأنه لا يعرف أحد من العباد شيئا من أسماء الحق وصفاته إلا ما تعطى ذات ذلك العبد بحسب استعداده، ولا يعبده أحد إلا بمقدار علمه ومعرفته بالحق، لأن العبادة مسبوقة بمعرفة المعبود من كونه ربا مالكا يستحق العبادة، وبمعرفة العبد من كونه مربوبا مملوكا يستحق العبودية، فمن لا يعطى استعداد ذاته العلم والمعرفة بجميع الأسماء والصفات، لا يمكنه أن يعبد الحق بجميع الأسماء، لذلك لا يعبد الحق عبادة تامة إلا الإنسان الكامل، فهو العبد التام. ولاستلزام العبادة المعرفة قال: (فإنه لا يعرف أحد) كما فسر العبادة بالمعرفة في قوله: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (76)