شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٦٧
الملائكة. وضمير الفاعل يرجع إلى (الأسماء). (وسبحت الحق بها) أي، بتلك الأسماء. (وقدسته، وما علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إليها) أي، علم الملائكة إلى تلك الأسماء. (فما سبحته بها) أي، بتلك الأسماء. (ولا قدسته، (79) فغلب عليها ما ذكرناه، وحكم عليها هذا الحال، فقالت من حيث النشأة: (أ تجعل فيها من يفسد فيها)) أي، ما وقفت الملائكة مع الأسماء التي تخص الملائكة و سبحت الحق بها وقدسته. (فغلب عليها) أي، على الملائكة. (ما ذكرناه) من عدم الوقوف مع ما أعطته مرتبة الإنسان الكامل ومع ما اقتضته حضرة الحق منها من العبادة والانقياد لكل ما أمر الله به. (وحكم عليها) أي، على الملائكة.
(هذا الحال) أي، عدم الوقوف (80) (فقالت من حيث النشأة) أي، من حيث نشأتهم الخاصة بهم: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟) (81)

(79) - قوله: (وما علمت...). لما كان منشأ عدم وقوفهم مع مقتضى تلك الأسماء عدم علمهم بما عداها مما هو في نشأة الخليفة، صرح الشيخ به عاطفا على قوله: (ولا وقفت).
فقال: (وما علمت) أي الملائكة، إن لله، سبحانه تعالى، أسماء أخر غير ما سبحوه بها، ما وصل علمها، أي علم الملائكة، بها، أي بتلك الأسماء الآخر كالخالق والرزاق والصور و السميع والبصير والمطعم وغير ذلك مما يتعلق بالنعيم والعذاب والموت والهلاك والسقم والشفاء وسائر الأسماء التي يختص عالم الأجسام والطبيعة. (فما سبحته)، أي الملائكة الحق سبحانه بها، أي بتلك، (ولا قدسته) كما يسبحه آدم ويقدسه بها. فإن قلت: ما معنى التقديس والتنزيه في الأسماء المنبئة عن التشبيه؟. قلنا: فيها تقديس وتنزيه من الانحصار في التنزيه أو التشبيه أو الجمع بينهما. (جامى) (80) - وإذ لا يخفى على من تصفح كلام القوم، أنهم يشيرون إلى منتهى مقام العبد وآخر مراتب عروجه ب‍ (الموقف) و (الموطن)، كما يشيرون (القدم) إلى خصوصية منهجه ومواطي طريقه ومسلكه حيث يقولون: فلان على قدم آدم، وفلان على قدم إبراهيم، لما احتاج في تبيين معنى (الوقوف) هينها إلى تعسف واضطراب. (ج) (81) - وقولهم ذلك وتعريضهم بأولويتهم كان بسبب قولهم: (ونحن نسبح لك ونقدس بحمدك). وسببه احتجابهم عن ظهور معنى الإلهية والأوصاف الربانية في آدم التي هي من خواص الهيئة الاجتماعية والتركيب الجامع للعالمين الحاصر لما في الكونين. وعلمهم بصدور الأفعال البهيمية التي هي الإفساد في الأرض والسبعية المعبر عنها بسفك الدماء اللتين هما من خواص قوة الشهوة والغضب الضروري وجودهما في تعلق الروح بالبدن و بنزاهة ذواتهم وتقدس نفوسهم عن ذلك، إذ كل طبقة من الملائكة تطلع على ما تحتها وما في أنفسها ولا تطلع على ما فوقها. فهي تعلم أنه لا بد في تعلق الروح العلوي النوراني بالبدن السفلى من واسطة تناسب الروح من وجه وتناسب الجسم من وجه هي النفس، و هي مأوى كل شر ومنبع كل فساد، ولا تعلم أن الجمعية الإلهية جالبة للنور الإلهي الذي هو سر (إني أعلم ما لا تعلمون). (ج)
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»