قوله: (فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية، فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائكة) أي، لما استخلف الإنسان وجعله ختما على خزائن الدنيا والآخرة، ظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في النشأة الإنسانية الجامعة بين النشأة العنصرية و الروحانية، أي صارت جميع هذه الكمالات فيها بالفعل.
وقد صرح شيخنا، رضى الله عنه، في كتاب المفتاح: (إن من علامات الكامل أن يقدر على الإحياء والإماتة وأمثالهما) (74) وإطلاق (الصورة) على الله مجاز، إذ لا يستعمل في الحقيقة إلا في المحسوسات وفي المعقولات مجازا. هذا باعتبار أهل الظاهر. وأما عند المحقق فحقيقة، لأن العالم بأسره صورة الحضرة الإلهية تفصيلا، والإنسان الكامل صورته جمعا، قال النبي، صلى الله عليه و آله: (إن الله خلق آدم على صورته). فالنشأة الإنسانية حازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، أي بالوجود العيني، وذلك لأنه حاز بجسمه رتبة الأجسام و بروحه رتبة الأرواح، وبه، أي بهذا الجمع، قامت الحجة على الملائكة لإحاطته بما لم يحيطوا به.