شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٥٧
لحقائقها، وجب أن يوجد الحقائق كلها في الخارج قبل وجوده حتى تمر عند تنزلاته عليها فيتصف بمعانيها طورا بعد طور من أطوار الروحانيات والسماويات و العنصريات، إلى أن يظهر في صورته النوعية الحسية. والمعاني النازلة عليه من الحضرات الأسمائية لا بد أن تمر على هذه الوسائط أيضا، إلى أن يصل إليه و تكمله. وذلك المرور إنما هو لتهيئة استعداده للكمالات اللائقة به، ولاجتماع ما فصل من مقام جمعه من الحقائق والخصائص فيه، وللإشهاد والاطلاع على ما أريد أن يكون خليفة عليه، ولهذا لا تجعل خليفة وقطبا إلا عند انتهاء السفر الثالث، ولو لا هذا المرور لما أمكن العروج للكمل، إذ الخاتمة مضاهية للسابقة وبه تتم الحركة الدورية المعنوية (1 - 58).
وما يقال: (إن علم الأولياء تذكري لا تفكري). وقوله، عليه السلام:
(الحكمة ضالة المؤمن) إشارة إلى هذا المعنى، لا إلى أنه وجد في النشأة العنصرية

(1 - 58) - قوله: (وللإشهاد والاطلاع...). اعلم، أن نزول الخليفة والقطب في مراتب التعينات الخلقية وتطوره بالتطورات الأرضية والسماوية لم يصر أسباب احتجابه عن الخلق والحق وعن مراتب الوجود، فالولي والخليفة شاهدان للحضرات الأسمائية و التعينات التي هي الأعيان الثابتة في الحضرة العلمية عند كينونتهما فيها من غير احتجاب، وكذلك يشهدان مراتب النزول الأسمائي والأعياني في الحضرة الغيب والشهادة إلى أن نزلا إلى الشهادة المطلقة، فهما ذاكران للمراتب كلها. قال بعض أهل الذوق: (إن حقيقة المعراج هو التذكر للأيام السالفة والأكوان السابقة حتى ينتهى إلى تذكر الحضرة العلمية). وهذا في تحقيق حقيقة المعراج، وإن كان خلاف التحقيق، لكن التذكر المذكور حق. (الإمام الخميني مد ظله)
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 357 358 359 360 361 362 ... » »»