شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٤٨
(فسمى هذا المذكور إنسانا وخليفة. فأما إنسانيته فلعموم (38) نشأته وحصره الحقائق كلها. وهو للحق بمنزلة إنسان العين (39) من العين الذي به يكون النظر، وهو المعبر عنه بالبصر، فلهذا سمى إنسانا) (40) أي، سمى هذا الكون الجامع إنسانا و خليفة. أما تسميته (إنسانا) فلوجهين:
أحدهما، عموم نشأته. أي، اشتمال نشأته المرتبية على مراتب العالم و حصره الحقائق، أي المفصلة في العالم. وذلك لأن (الإنسان) إما مأخوذ من (الأنس) أو من (النسيان). فإن كان من (الأنس)، وهو ما يؤنس به، فهو حاصل للإنسان لكونه مجمع الأسماء ومظاهرها وتؤنس به الحقائق وتحصر في نشئاته الجسمانية والروحانية والمثالية لإحاطة النشأة إياها. وإن كان من (النسيان)، و هو الذهول عن بعض الأشياء بعد التوجه إليه بالاشتغال إلى غيره، فالإنسان بحكم اتصافه ب‍ (كل يوم هو في شأن) لا يمكن وقوفه بشأن واحد. وهذا، أيضا،

(38) - قوله: (فلعموم) مقدمة لقوله: (فإنه به نظر الحق). فإنه لو لم يكن نشأته عامة حاصرة للحقائق كلها، لم يكن به النظر إلى خلقه كله. ويوصف إنسان العين بقوله: (الذي به يكون النظر). وإرداف الوصف بقوله: (وهو المعبر عنه بالبصر) إشارة إلى وجه تسمية إنسان العين بالإنسان، وهو كونه بحيث يبصر ويونس. ولهذا فرع عليه قوله: (فلهذا يسمى إنسانا). (جامى) (39) - قوله: (بمنزلة إنسان العين) إشارة إلى وجه التسمية كما أنه متحقق في إنسان العين، كذلك متحقق في الكون الجامع، قوله: (فإنه به نظر الحق) تعليل له. (جامى) (40) - قوله: (فأما إنسانيته...). لما فهم الشارح من كلام الشيخ وجهين للتسمية، تكلف في الوجه الأول بما تكلف، ولكن الظاهر من كلامه أن الوجه في تسميته إنسانا أنه من الحق بمنزلة إنسان العين منها. وقوله: (فلعموم نشأته وحصره الحقائق) توطئة ومقدمة للمقصد. وحاصل كلام الشيخ أن الإنسان لما كان نشأته عامة لجميع شؤون الأسمائي و الأعياني، حاصرة للحقائق الإلهية والكونية، يكون مرآة لشهود الحقائق كلها، ويكون منزلته من الحق في رؤية الأشياء منزلة انسان العين من العين، ولهذا سمى إنسانا.
فالإنسان الكامل كما أنه مرآة شهود الحق ذاته، كما أفاد الشيخ سابقا، مرآة شهود الأشياء كلها. (الإمام الخميني مد ظله)
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»