شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٤٧
قد تحيرت فيك خذ بيدي * يا دليلا لمن تحير فيكا وقال الشيخ:
ولست أدرك من شئ حقيقته * وكيف أدركه وأنتم فيه وإنما قيد قوله: (بطريق نظري فكري) لأن القلب إذا تنور بالنور الإلهي، يتنور العقل أيضا بنوره ويتبع القلب، لأنه قوة من قواه، فيدرك الحقائق بالتبعية إدراكا مجردا من التصرف فيها، ويسلم أمره إلى الله المتصرف بالحقيقة في كل شئ، ويعترف اعترافه الأول بقوله: (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم).
قوله: (منه يعرف)... أي، من الكشف الإلهي يعرف ما الذي ظهر على صور العالم التي قبلت لأرواحه. وضمير (أرواحه) عائد إلى (العالم). وإنما قيد (الكشف) ب‍ (الإلهي) لخروج الصوري والملكي والجني، وكشف الخواطر والضمائر وأمثالها، فإنها لا تعطى ذلك. بل كشف الحقائق الأسمائية والتجليات الصفاتية تعد القلوب للتجليات الذاتية المفنية لما سواها الجاعلة لجبال الإنيات دكا، فتفنى فيها فناء يوجب البقاء الأبدي، فتطلع بحقيقتها وحقيقة غيرها بالحق، وتعلم أن الذات الإلهية هي التي تظهر بصور العالم، وأن أصل تلك الحقائق وصورها، تلك الذات، وأنها هي التي ظهرت في الصورة الجوهرية المطلقة التي قبلت هذه الصور كلها من حيث قيوميتها.
والمراد ب‍ (الصور) يجوز أن يكون الأجسام القابلة للأرواح، ويجوز أن يكون الأجسام والأجساد المثالية والهياكل النورية، فيكون مشتملا على جميع العقول والنفوس المجردة وغير المجردة والجن وغيرها، لأن لكل منها صورة في عالم الأرواح حسب ما يليق بكمالاته، كما مر بيانه في المقدمات.
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»