الروحانية والجسمانية، لذلك قال: (في النشأة الحاصلة لهذه الأوصاف) أي، النشأة التي تحمل هذه القوى جميعا لتضاهي به مقام الجمع الإلهي والكمالات لا توصف بالمحمولية.
وإنما سماها (أوصافا) مجازا، لأنها لا يقوم بنفسها، كما لا يقوم الصفات إلا بموصوفها، ولأنها مبدأ الأوصاف، فأطلق اسم الأثر على المؤثر مجازا. وكل من المعنيين يستلزم الآخر، إذ بين الأثر والمؤثر ملازمة من الطرفين. والمراد ب (العالم) يجوز أن يكون عالم الملك السماوي والعلوي والعنصري السفلى، و يجوز أن يراد به العالم كله، الروحاني والجسماني، لان مرتبة الطبيعة الكلية محيطة بالعالم الروحاني والجسماني وحاصرة لقوابلهما، والعلو والسفل يكونان فيهما بحسب المرتبة، فالعلو للعالم الروحاني والسفل للعالم الجسماني.
قوله: (وهذا لا يعرفه عقل بطريق نظر فكري، (34) بل هذا الفن من الإدراك لا يكون إلا عن كشف إلهي (35) منه يعرف ما أصل صور العالم القابلة لأرواحه (36)) أي، هذا الأمر المذكور وتحقيقه، على ما هو عليه، طور وراء أطوار العقل، أي النظري، فإن إدراكه يحتاج إلى نور رباني يرفع الحجب عن عين القلب ويحد بصره فيراه القلب بذلك النور، بل يكشف جمع الحقائق الكونية والإلهية. وأما العقل بطريق النظر الفكري وترتيب المقدمات والأشكال القياسية، فلا يمكن أن