شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٣٦
الإمكانية. وقد علمت فيما مر من المقدمات أن الأعيان التي هي القوابل للتجليات الإلهية كلها فائضة من الله ب (الفيض الأقدس). وهو عبارة عن التجلي الحبى الذاتي الموجب لوجود الأشياء واستعداداتها في الحضرة العلمية، ثم العينية (21) كما قال: (كنت كنزا مخفيا (22) فأحببت أن أعرف...). و (الفيض
(21) - ومعنى الفيضان من الفيض الأقدس، هو ظهور الفيض الأقدس وتجليه وتعينه في مقام العلم بشأن من شؤونه الذاتية، كالعلم الذاتي والقدرة التي هي عين الذات. أي، ظهوره بهذه الشؤون على وجه الإطلاق اللا بشرطية، يعنى ظهر بشأن العلم المطلق الغير المقيد بالمتعلق والمعلوم الذي يعبر عنه بالنورانية والانكشاف، لا المفهوم المصدري. وظهور الحق بشأن هو تعينه بهذا الشأن، وتعين الشأن هو العين الثابت وظهوره بتمام الشؤون هو تعينه بالله وتعين هذا الشأن المستجمع هو العين الثابت المحمدي، عليه السلام. ولما كان جميع الشؤون تحت هذا الشأن المستجمع، مكان جميع الأعيان تحت هذا العين، ولما كان الفيض المقدس ظهور الفيض الأقدس، وهكذا فالجميع ظهور هذا العين من الدرة إلى الذرة. (ج) (22) - المراد من (الخفاء) عدم عارف به سواء، فلما أراد كثرة العارفين به، فخلق الخلق. فالمراد بالخفاء لازمه وهو عدم العارفين. أو نقول إن للأشياء وجودين: وجودا علميا، ووجودا عينيا. فالوجود العلمي هو المسمى بالأعيان الثابتة وهي أزلية قديمة، والوجود الخارجي محدث. فالخفاء بالنسبة إلى الأعيان، فإنها كانت موجودة مع الله ولكن لا علم لها به، فيكون الله تعالى مخفيا بالنسبة إليها، فلما أراد أن يعرفها الأعيان، أخرجها من العلم إلى العين، فإنه تعالى لا يعلم إلا بالوجود الخارجي. أو نقول: الخفاء بمعنى الظهور، فإنه من الأضداد، فمعنى الحديث: كنت كنزا ظاهرا لنفسي ولم يكن بي عارف غيري، فأحببت أن يعرفني غيري، فخلقت الغير. أو نقول، معناه: إني كنت ظاهرا غاية الظهور. و الشئ إذا جاوز حده انعكس ضده، فكأنه قال: كاد نفسي من غاية الظهور أن يخفى على نفسي فضلا عن غيري، فخلقت الخلق حجاب ظهوري وستر نوري حتى يخفى شئ من ظهوري ليمكن للخلق إدراكي. هذه هي الوجوه المنقولة من الشيخ (س). وعندي وجه آخر. هو أن المراد من الضمير هو الحقيقة المحمدية، والمراد بخلق الخلق خلق النفوس الأممية تحت الكلمة الآدمية المازجة لجميع جهات الحياة والنفحات الإلهية، فافهم و اغتنم. (غلامعلى)