شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٣٤
لعدم الأشياء كلها، سواء كانت موجودة بالوجود العلمي أو العيني.
ف‍ (التجلي) بدل الكل من (الفيض). وفي بعض النسخ: (لقبول فيض التجلي) بالإضافة. فمعناه: لقبول الفيض الحاصل من التجلي. ولا يكون ذلك الفيض نفس التجلي حينئذ بل حاصلا منه، ولا ينبغي أن يتوهم أن هذه الأعيان كانت موجودة زمانا من الأزمنة والإنسان معدوم فيه مطلقا، وإلا يلزم وجودها مع عدم روحها. وأيضا، الإنسان أبدى بحسب النشأة الأخروية، وكل ما هو أبدى فهو أزلي كعكسه. بل لا بد أن يعلم أنه من حيث النشأة العنصرية بعد كل موجود بعدية زمانية (18)، لتوقفها على حصول الاستعداد المزاجي الحاصل من الأركان العنصرية بالفعل والانفعال والتربية، كما أشار إليه بقوله تعالى:
(خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا) (19) وإنه من حيث النشأة العلمية قبل

(18) - أقول: إذا كان متأخرا بحسب الزمان، يلزم أيضا خلو العالم عن الروح زمانا ما. إن قلت: لا يلزم ذلك، لأنه كان موجودا في عوالم آخر. قلت: فكان العالم قبل هذا الإنسان العنصري ذا روح، إلا أن يقال كان بلا روح في زمان قليل. وهذا الزمان القليل يكون لتحصيل الاستعداد لحصول ذلك الروح، فيكون في هذا الزمان القليل مسواة قابلا.
لكن الحكماء أكثرهم قائلون بأن الأنواع كلها، سيما ما هو الأشرف وهو الإنسان، كانت قديمة أزلية وإن كانت أفرادها حادثة، فليتأمل. واعلم، أنه بناء على القول بالحركة الجوهرية، النفوس الجزئية في أول الظهور تكون عين الصورة الجوهرية المادية وبعد التكامل تلحق بالعقول اللاحقة والحقائق المثالية، ولمكان تجردها وعدم مادة الفساد فيها باقية ببقاء الله. وأما كونها أزلية لا معنى له. وسيأتي زيادة تحقيق في هذه المسألة. وما عبر الشيخ في هذا الفص عن الإنسان بالحادث الأزلي والنش ء الدائم الأبدي، يريد بالإنسان الكمل منه، كالنبي وعلى ومن شاء الله من العترة، حيث أن أرواحهم أزلية. فانتظر حتى يظهر حل العويصة (ج) (19) - قال العارف الكامل، عبد القادر، في رسالته المسماة ببلغة الحكمة: (لما كان البلوغ بالترتيب والتدريج لا جرم قال: (خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا). عشرة منها صباح الحيوان، وعشرة منها صباح النبات، وعشرة صباح المعادن، وعشرة صباح امتزاج العناصر الأربعة). قال السبزواري: (والإنسان الذي هو أشرف الأنواع ثم خلقته بإكمال هذا العدد، فإنه أخذ لتخمير طينته قبضة من العناصر وتسع قبضات من الأفلاك التسعة ودورت القبضات العشر أربع دورات: دورة جمادية، ودورة نباتية، ودورة حيوانية، ودورة إنسانية. والكل أربعون. (ج)
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»