شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٤١
في آدم، وكالعقل والوهم، فإن كلا منهما يدعى السلطنة على هذا العالم الإنساني و لا ينقاد لغيره، إذ العقل يدعى أنه محيط بإدراك جميع الحقائق والماهيات، على ما هي عليه، بحسب قوته النظرية، وليس كذلك، ولهذا انحجب أرباب العقول عن إدراك الحق والحقائق لتقليدهم عقولهم. وغاية عرفانهم العلم الإجمالي بأن لهم موجدا ربا منزها عن الصفات الكونية، (28) ولا يعلمون من الحقائق إلا لوازمها وخواصها. وأرباب التحقيق وأهل الطريق علموا ذلك مجملا وشاهدوا تجلياته وظهوراته مفصلا، فاهتدوا بنوره وسروا في الحقائق سريان تجليه فيها وكشفوا عنها خواصها ولوازمها، كشفا لا تمازجه شبهة، و علموا الحقائق علما لا يطرأ عليه ريبة، فهم عباد الرحمان الذين يمشون في أرض الحقائق هونا (29) وأرباب النظر عباد عقولهم الصادر فيهم: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم). أي، جهنم البعد والحرمان عن إدراك الحقائق و أنواره، أي، لا يقبلون إلا ما أعطته عقولهم. وهكذا الوهم يدعى السلطنة و يكذبه في كل ما هو خارج عن طوره، لإدراكه المعاني الجزئية دون الكلية. ولكل منهما نصيب من السلطنة.
قوله: (وأن فيها (30) فيما تزعم، الأهلية لكل منصب عال ومنزلة رفيعة

(28) - فإثباتهم الرب المنزه غاية معرفتهم، مع أن التنزيه تحديد والتحديد يستلزم التفصيل، لأنه إذا كان بشرط لا، مبائنا عن الأشياء، ومبائن الشئ لا يخلق الشئ، لأن الخلق هو التجلي والمبائن للشئ لا يكون تجليا، فيلزم التعطيل وهو يستلزم بطلان الذات الإلهية، تعالى عن ذلك. فهم في غفلة عن الله وعن أنه اللا بشرط المنزه عن التنزيه والتشبيه، وإنهما نحوان من تجليه. (ج) (29) - أي، المخصوصون بقبول فيض هذا الاسم لسعة الاستعداد. (الذين يمشون على الأرض هونا) أي، الذين اطمأنت نفوسهم بنور السكينة وامتنعت عن الطيش بمقتضى الطبيعة، فهم هينون في الحركات البدنية لتمرن أعضائهم بهيئة الطمأنينة (ج) (30) - قوله: (وإن فيها) لهمزة المكسورة، عطف على جملة (كل قوة) ومشعر بتعليل مضمونها، والضمائر كلها راجعة إلى (القوة). وصححها القيصري بفتح الهمزة وجعلها معطوفة على (أفضل من ذاتها) والضمائر للنشأة الإنسانية. لكن يأبى عنه قوله: (فيما يزعم).
(جامى)
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»