في آدم، وكالعقل والوهم، فإن كلا منهما يدعى السلطنة على هذا العالم الإنساني و لا ينقاد لغيره، إذ العقل يدعى أنه محيط بإدراك جميع الحقائق والماهيات، على ما هي عليه، بحسب قوته النظرية، وليس كذلك، ولهذا انحجب أرباب العقول عن إدراك الحق والحقائق لتقليدهم عقولهم. وغاية عرفانهم العلم الإجمالي بأن لهم موجدا ربا منزها عن الصفات الكونية، (28) ولا يعلمون من الحقائق إلا لوازمها وخواصها. وأرباب التحقيق وأهل الطريق علموا ذلك مجملا وشاهدوا تجلياته وظهوراته مفصلا، فاهتدوا بنوره وسروا في الحقائق سريان تجليه فيها وكشفوا عنها خواصها ولوازمها، كشفا لا تمازجه شبهة، و علموا الحقائق علما لا يطرأ عليه ريبة، فهم عباد الرحمان الذين يمشون في أرض الحقائق هونا (29) وأرباب النظر عباد عقولهم الصادر فيهم: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم). أي، جهنم البعد والحرمان عن إدراك الحقائق و أنواره، أي، لا يقبلون إلا ما أعطته عقولهم. وهكذا الوهم يدعى السلطنة و يكذبه في كل ما هو خارج عن طوره، لإدراكه المعاني الجزئية دون الكلية. ولكل منهما نصيب من السلطنة.
قوله: (وأن فيها (30) فيما تزعم، الأهلية لكل منصب عال ومنزلة رفيعة