مميتا إياها مفنيا ذاته في ذاته تعالى، جهولا لغيره، ناسيا لما سواه نافيا لما عداه بقوله:
(لا اله إلا الله) (25) فالأرواح المجردة وغيرهم وإن كانوا عالمين بالأشياء المنتقشة فيهم الصادرة عن الحق بواسطتهم، لكنهم لم يعلموا حقائقها وأعيانها الثابتة كما هي، بل صورها ولوازمها، (26) ولذلك أنبأهم آدم بأسمائهم عند عجزهم عن الإنباء واعترافهم بقولهم: (لا علم لنا إلا ما علمتنا). وإليه الإشارة بقوله تعالى: (وما منا إلا له مقام معلوم). أي، لا نتعدى طورنا. كما قال جبرئيل، عليه السلام: (لو دنوت أنملة لاحترقت).
قوله: (وكانت الملائكة من بعض قوى تلك الصورة (27) التي هي صورة العالم المعبر عنه في اصطلاح القوم بالإنسان الكبير) عطف على قوله: (فكان آدم). و المراد ب (الملائكة) هنا غير أهل الجبروت والنفوس المجردة، لذلك قال: (من بعض قوى تلك الصورة) إذ أنواع الروحانيات متكثرة: منهم أهل الجبروت، كالعقل الأول والملائكة المهيمة والعقول السماوية والعنصرية البسيطة والمركبة التي هي المولدات الثلاث على اختلاف طبقاتها وصنوفها ودرجاتها، ومنهم أهل