شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٣٠
فقوله: (لكونه متصفا بالوجود (9)، ويظهر به سره إليه) تعليل للحصر لا للرؤية. فإن الحق يعلم الأسماء وأعيانها ومظاهرها، ويراها ويشاهدها من غير ظهور الإنسان الكامل ووجوده في الخارج، كما قال أمير المؤمنين على، كرم الله وجهه: (بصير إذ لا منظور إليه من خلقه). إلا أن تحمل (الرؤية) على الرؤية الحاصلة في المظهر الإنساني، فإن هذه الرؤية أيضا للحق. وحينئذ يكون تعليلا لها فيكون معناه: إنه شاء أن يرى الأعيان أو عينه بآدم في آدم لكونه متصفا بالوجود الحق، إذ هو من حيث ذاته معدوم ومن حيث الوجود الحق موجود. وله قابلية ظهور جميع أسرار الوجود فيه، فصار بالاتصاف به، والقابلية المذكورة كونا حاصرا لجميع أمر الأسماء وخصوصياتها، لأن وجود الملزوم يوجب وجود اللازم، سواء كان بالواسطة أو غيرها.
وقوله: (ويظهر به سره إليه) يجوز أن يعطف على قوله: (يحصر الأمر) فيرفع وإنما أخره عن قوله: (لكونه متصفا بالوجود) ليكون تتمة من التعليل، و

(9) - وفي بعض النسخ: (لكونه متصفا بالوجوه). فهو علة للحصر. أي، يحصر الأمر الإلهي كله لكونه متصفا بالوجوه الأسمائية، فإن لكل اسم وجه يرى الحق نفسه فيه بوجه، ويرى عينه من جميع الوجوه في الإنسان الكامل الحاصر الأسماء كلها. و (الكلام) في (الأمر) للاستغراق. أي يحصر الأمور كلها. أو بدل من المضاف إليه بمعنى أمره وهو إيجاده. (ق).
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»