شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٣٢
لها، كاهتزاز النفس والتذاذها عند مشاهدة الإنسان صورته الجميلة في المرآة الذي هو غير حاصل له عند تصوره لها، وكظهور الصورة المستطيلة في المرآة المستديرة مستديرة، والصورة المستديرة في المرآة المستطيلة مستطيلة، وكظهور الصورة الواحدة في المرايا المتعددة متعددة، وأمثال ذلك.
لا يقال، حينئذ يلزم أن يكون الحق مستكملا بغيره، لأن هذا الشئ الذي هو له كالمرآة من جملة لوازم ذاته ومظاهرها التي ليست غيره مطلقا، بل من وجه عينه ومن آخر غيره، كما مر في الفصل الثالث من أن الأعيان الثابتة أيضا عين الحق ومظاهره العلمية، فلا يكون مستكملا بالغير (11) وإلى هذا المعنى أشار بقوله: (يكون له كالمرآة) ولم يقل: في المرآة. لأن المرآة غير الناظر فيها من حيث تعيناتهما المانعان عن أن يكون كل واحد منهما عين الآخر. وليس هنا كذلك، لأن التعين الذاتي أصل جميع التعينات التي في المظاهر (12) فلا ينافيها (13) وقوله: (في أمر آخر) أي، بحسب الصورة لا بالحقيقة. وقوله: (فإنه يظهر) تعليل عدم المماثلة. والضمير للشأن تفسره الجملة التي بعده.
و (من) في (مما) للبيان. أي، تظهر له نفسه في صورة من الصور التي لم

(11) - فحاجته إليها في الحقيقة حاجته إلى نفسه المستلزمة لعدم الحاجة، والحاجة متحققة إذا كانت إلى أمر خارج عن الشئ، فلا تغفل. (ج) (12) - لأنه عين الذات، فكما أن الذات أصل جميع الذوات كذلك تعينها. (ج) (13) - فإن قلت: إذا لم يكن التعين جهة الغيرية بل حقيقة الحقائق هي الحقائق الوجودية، فما جهة الغيرية بينهما بل هي هي. قلت: هيهات قد ما للتراب ورب الأرباب. حقيقة الحقائق أصل الوجود، والحقائق الوجودية عكوسه وأظلاله ولمعات نوره وإشراقات جماله و تجليات أسمائه وظهورات وجهه الكريم، بل إن هي إلا (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا فإذا جاءه لم يجده شيئا). قال المصنف (قده): أما الكون خيال... فإن قلت: فما وجه العينية بينهما؟ قلت: نفى المباينة الحقيقية وعدم المزايلة الذاتية، فانظر إلى صورتك في المرآة، يظهر لك حقيقة الحال. (للأستاذ ميرزا محمد رضا أصفهاني دام ظله)
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»