شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٣١
يجوز أن يعطف على (يرى) فينصب. وضمير (به)) عائد إلى (الكون الجامع). وضمير (سره) و (إليه) عائد إلى (الحق). و (إليه) صلة (يظهر) يقال: ظهر له وإليه. والمراد ب‍ (السر) عين الحق وكمالاته الذاتية، فإنها غيب الغيوب كلها، كما قيل: (وليس وراء عبادان قرية). أي، شاء أن يشاهد عينه و كمالاته الذاتية التي كانت غيبا مطلقا في الشهادة المطلقة الإنسانية في مرآة الإنسان الكامل (10) ويجوز أن يقال، إنه تعليل للرؤية من غير أن يحمل أنها في المظهر الإنساني، ومعناه: أنه تعالى، وإن كان مشاهدا نفسه وكمالاته في غيب ذاته بالعلم الذاتي ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، لكن هذا النوع من الرؤية والشهود الذي يحصل بواسطة المرايا، لم يكن حاصلا بدونها، لأن خصوصيات المرايا تعطى ذلك، فشاء الحق أن يشاهدها كذلك أيضا. و يؤيد هذا المعنى قوله: (فإن رؤية الشئ نفسه بنفسه، ما هي مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة، فإنه تظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه له هذا). تعليل للمشية وإيماء إلى سؤال مقدر، وهو أن الله بصير قبل أن يوجد العالم الإنساني، فكيف شاء ذلك؟ فأجاب بأنه ليس رؤية الشئ نفسه بنفسه في نفسه، كرؤية نفسه في شئ آخر يكون له ذلك الشئ مثل المرآة. وذلك لأن المرآة لها خصوصية في ظهور عين ذلك الشئ، وتلك الخصوصية لا يحصل بدون تلك المرآة، ولا بدون تجلى ذلك الشئ

(10) - والحق أوجد العالم من العلم إلى العين قبل إيجاد آدم الأول والإنسان الحادث الأزلي وجود شبح لا روح فيه، مثل الطين في حق آدم والنطفة في بنى آدم. وفي هذه المرتبة ظلمة و خلق لا يهتدى إلى شئ. وإنما أوجده أولا على هذا الطريق ثم جلى بآدم، لأن المرآة لا يكون إلا من كثيف ظلماني ولطيف نوراني، فكان العالم بدون الآدم الحقيقي كمرآة غير مجلوة. وعبر عن الروح الإلهي ب‍ (النفخ). والمراد بالنفخ إعطاء القابلية، لا إخراج الهوى من جوف النافخ. فالعالم المسوى بدون الروح الإلهي كالمرآة الغير الصقيلة. وأما مسألة عدم جواز ظهور العالم بدون الإنسان ووساطته فكيف صدرت المرآة الغير المجلوة عن المبدأ بلا واسطة النفخة، فسيجئ الكلام فيها. (ج)
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»