بالمالك هو الحق وبالعبد هو النبي، صلى الله عليه وسلم، لما يلزم من إساءة الأدب، وإن كان عبدا له ورسولا منه (49) و (ذلك) إشارة إلى الكتاب. أي، أول ما ألقاه المالك على قلب العبد من ذلك الكتاب، أي من معانيه، فص حكمة إلهية.
و (فص) الشئ خلاصته وزبدته، وفص الخاتم ما يزين به الخاتم ويكتب عليه اسم صاحبه ليختم به على خزائنه. وقال ابن السكيت: (كل ملتقى عظمين فص). وفص الأمر مفصله. وقال الشاعر:
ورب امرء خلته مائقا ويأتيك بالأمر من فصه والأولان أنسب بالمقام. ومعنى (الحكمة) ما ذكر من أنها علم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، وعمل بمقتضاه (50) ففص كل حكمة، على الأول، عبارة عن خلاصة علوم حاصلة لروح نبي من الأنبياء المذكورين، عليهم السلام، التي يقتضيها الاسم الغالب عليه، فيفيضها على روح ذلك النبي بحسب استعداده و قابليته. وعلى الثاني، هو القلب المنتقش بالعلوم الخاصة به. ويؤيد هذا الوجه ما ذكره في آخر الفص من قوله: (وفص كل حكمة الكلمة التي نسبت إليها). فمعنى قوله: (فص حكمة إلهية) أي، محل الحكمة الإلهية هو القلب الثابت في الكلمة