شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٢٣
بالمالك هو الحق وبالعبد هو النبي، صلى الله عليه وسلم، لما يلزم من إساءة الأدب، وإن كان عبدا له ورسولا منه (49) و (ذلك) إشارة إلى الكتاب. أي، أول ما ألقاه المالك على قلب العبد من ذلك الكتاب، أي من معانيه، فص حكمة إلهية.
و (فص) الشئ خلاصته وزبدته، وفص الخاتم ما يزين به الخاتم ويكتب عليه اسم صاحبه ليختم به على خزائنه. وقال ابن السكيت: (كل ملتقى عظمين فص). وفص الأمر مفصله. وقال الشاعر:
ورب امرء خلته مائقا ويأتيك بالأمر من فصه والأولان أنسب بالمقام. ومعنى (الحكمة) ما ذكر من أنها علم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، وعمل بمقتضاه (50) ففص كل حكمة، على الأول، عبارة عن خلاصة علوم حاصلة لروح نبي من الأنبياء المذكورين، عليهم السلام، التي يقتضيها الاسم الغالب عليه، فيفيضها على روح ذلك النبي بحسب استعداده و قابليته. وعلى الثاني، هو القلب المنتقش بالعلوم الخاصة به. ويؤيد هذا الوجه ما ذكره في آخر الفص من قوله: (وفص كل حكمة الكلمة التي نسبت إليها). فمعنى قوله: (فص حكمة إلهية) أي، محل الحكمة الإلهية هو القلب الثابت في الكلمة

(49) - وأما إطلاق العبد عليه في (التشهد) وأمثاله من الأدعية، فمن باب المأذونية منه. أقول:
إن لفظ (العبد) المذكور في التشهد إنما هو كلام الله، وأن التحقق بالعبودية من أفضل المقامات التي كنهها الربوبية، وما فقده في العبودية وجده في الربوبية. (ج) ( 50) - قوله: (ومعنى الحكمة...). أقول: ليس معنى (الحكمة) في لسان أهل الله ما ذكره الشارح، وليست الحكمة الفائضة على الأنبياء، عليهم السلام، ما ذكرها، بل الحكمة عبارة عن معرفة الله شؤونه الذاتية وتجلياته الأسمائية والأفعالية في الحضرة العلمية و العينية بالمشاهدة الحضورية والعلم بكيفية المناكحات والمراودات والنتائج الإلهية في الحضرات الأسمائية والأعيانية بالعلم الحضوري. ويمكن أن يكون الحكمة هي العلم بكمال الجلاء والاستجلاء. فإن كمال الجلاء ظهور الحق في المرآة الأتم، وكمال الاستجلاء شهوده نفسه فيها، فتدبر. (الإمام الخميني مد ظله)
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»