و (الكون) في اصطلاح هذه الطائفة، عبارة عن وجود العالم، من حيث هو عالم، لا من حيث إنه حق، وإن كان مرادفا للوجود المطلق، عند أهل النظر. و هو هنا بمعنى المكون. أي، شاء أن يرى أعيان أسمائه أو عين ذاته في موجود جامع لجميع حقائق العالم، مفرداتها ومركباتها، بحسب مرتبته يحصر ذلك الموجود أمر الأسماء والصفات من مقتضياتها وأفعالها وخواصها ولوازمها كلها.
و (اللام) في قوله (الأمر) للاستغراق، أي جميع الأمور الإلهية، أو عوض من الإضافة. و (الأمر) بمعنى الفعل. أو يحصر الشأن الإلهي في مرتبته (7) فيكون بمعنى الشأن، وهو أعم من الفعل لأنه قد يكون حالا من الأحوال من غير فعل. أو يحصر ما تعلق به الأمر الذي هو قوله: (كن). فحينئذ يكون مجازا من قبيل إطلاق الملزوم وإرادة اللازم.
و (الكون الجامع) هو الإنسان الكامل المسمى ب (آدم). وغيره ليس له هذه القابلية والاستعداد. والسر في هذه المشيئة والحصر، أن الحق تعالى كان يشاهد ذاته وكمالاته الذاتية المسماة ب (الأسماء)، ومظاهرها كلها في ذاته بذاته في عين أوليته وباطنيته مجموعة مندمجة بعضها في بعض، فأراد أن يشاهدها في حضرة آخريته وظاهريته كذلك، ليطابق الأول الآخر والظاهر والباطن، و يرجع كل إلى أصله (8)