شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٢١
(هذه الرحمة التي وسعتكم فوسعوا) (47) أي، هذه الأسرار والمعاني التي فاضت عليكم من الله رحمة عليكم وسعتكم وشملتكم، فوسعوا أنتم أيضا تلك الرحمة على الطالبين لتكونوا شاكرين لنعمه، مؤدين لحقوقه، مقتدين برسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيما قال: (اللهم ارزقني وارزق أمتي فتلحقوا بالوارثين).
قوله: (ومن الله أرجو أن أكون ممن أيد فتأيد، وأيد وقيد بالشرع المطهر المحمدي فتقيد وقيد، وأن يحشرنا في زمرته كما جعلنا من أمته). لسان أدب مع حضرة رسول الله، لأنه على يقين أنه ممن أيده الله وقيده بالشرع المحمدي و اتباعه. أي، ومن هذه الحضرة الجامعة أرجو أن أكون ممن أيده الله بتأييده و توفيقه فتأيد بقبوله إياه، لا ممن رده الله من حضرته بإبعاده فجحد أمره وأباه. و بعد التأييد يؤيد غيره بأن يجعله مستعدا للتأييد الإلهي بالإرشاد والتنبيه.
ولما كان نبينا، صلى الله عليه وسلم، أكمل العالم، والسعادة التامة لا يحصل إلا بمتابعته والتقيد بشريعته، كما قال: (لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي). طلب هذا الوارث المحمدي أن يكون مقيدا بشريعته ومتحليا بطريقته، ليكون متحققا بأعلى المقامات ومتدرجا بأكمل الدرجات. وإنما أتى على صيغة المبنى للمفعول في قوله: (أيد وقيد) تعظيما وإجلالا للفاعل، إذ تأييده، رضى الله عنه، بالنسبة إلى لطف الله وكرمه تعالى أمر قليل، لذلك قال: ( ممن) أي، من جملة الذين أيدهم الله ووفقهم وقيدهم بشريعة نبيه، عليه السلام. فقوله: (فتقيد) أي، إذا قيده الله بشرع أكمل الأنبياء، صلوات الله عليهم، تقيد بالقبول والانقياد والطاعة، وقيد غيره بتنبيهه على جلالة قدره و

( 47) - قوله: (هذه الرحمة...) يحتمل أن يكون مفعولا لقوله: (لا تمنعوا). أي، لا تمنعوا هذا لرحمة التي وسعتكم، فوسعوها شكرا وامتنانا، ويحتمل أن يكون مفعولا لقوله ( فوسعوا). وظاهر كلام الشارح أن (هذه) مبتدأ وخبرها (الرحمة) وهو بعيد. (الإمام الخميني مد ظله)
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»