شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣١٠
الله تعالى. وأيضا، لما كان مراتب تنزلات الوجود ومعارجه دورية وقلب الإنسان الكامل محلا لنقوش الحكم الإلهية، شبهها بحلقة الخاتم، والقلب بالفص الذي هو محل النقوش، كما قال في آخر الفص الأول: (وفص كل حكمة الكلمة التي نسبت إليها). وسمى الكتاب بفصوص الحكم، لما فيه بيانها وبيان حكمها.
قوله: (خذه واخرج به إلى الناس) أي، خذه منى في سرك وغيبك واخرج به إلى عالم الحس والشهادة بتعبيرك إياه (37) وتقريرك معناه بعبارة تناسبه وإشارة توافقه لينتفع به الناس ويرتفع عنهم حجابهم.
قوله: (فقلت: السمع والطاعة لله) بالنصب. أي، سمعت السمع و أطعت الطاعة لله، لأنه رب الأرباب. (ولرسوله) لأنه خليفته وقطب الأقطاب. (وأولى الأمر) أي، الخلفاء والأقطاب الذين لهم الحكم في الباطن أو السلاطين والملوك الذين هم الخلفاء للخليفة الحقيقية في الظاهر. وقوله:

(٣٧) - قوله: (بتعبيرك إياه). أقول: ليس ما ذكر تعبيرا بل تنزيل، فإن ما تلقاه سر أهل المعرفة من الكمل في الحضرة الغيبية الروحانية لا يكون له صورة مثالية أو ملكية، فإذا تصور في الحضرة الخيالية بصورة مناسبة مثالية، يتنزل من مقامه الأصلي وموطنه الروحاني، وإذا تصور بصورة ملكية، يتنزل مرتبة أخرى. فالتنزل من مقام الغيب إلى الشهادة تنزيل، و الرجوع من الشهادة إلى الغيب تعبير في الرؤيا وتأويل في المكاشفة. ومن هذا القبيل تنزيل الكتاب من عند الله بحسب المراتب السبع التي للعوالم والإنسان الكامل. فمراتب التنزيل سبعة، كما أن مراتب التأويل سبعة. وهي بعينها بطون القرآن إلى سبعة أبطن إجمالا و سبعين تفصيلا، بل سبعين ألف، وباعتبار لاحد له يقف عنده. والعالم بالتأويل من له حظ من المراتب، فبمقدار تحققه بالمراتب له حظ من التأويل إلى أن ينتهى إلى غاية الكمال الإنساني ومنتهى مراتب الكمالي، فيصير عالما بجميع مراتب التأويل. فهو كما يتلو الكتاب من الصحيفة المباركة الحسية التي بين أيدينا، يقرأ من صحيفة عالم المثال وعالم الألواح إلى العلم الأعلى إلى الحضرة التجلي إلى الحضرة العلم إلى الاسم الأعظم، وهو الراسخ في العلم: (وإنما يعرف القرآن من خوطب به). (الإمام الخميني مد ظله)
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»