شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣١٩
فإذا ما سمعتم ما * أتيت به فعوا ثم بالفهم فصلوا * مجمل القول وأجمعوا ثم منو به على * طالبيه لا تمنعوا هذه الرحمة التي * وسعتكم فوسعوا) قوله: (فمن الله فاسمعوا وإلى الله فارجعوا) جواب شرط مقدر. أي، إذا كان ما بينته من الأنوار وكشفته من الأسرار من الله، من غير تصرف منى، وأنا مأمور بإبرازه: (فمن الله فاسمعوا) لا منى (وإلى الله فارجعوا) عند سماعكم ما لا طاقة لكم بسماعه لعدم علمكم بحقيقة الأمر، وعدم استبانتكم في بعض أسراره لا إلى، فإنه ميسر كل عسير ليطلعكم بمعانيه كما هي، بإشراق أنواره في قلوبكم. وفيه تنبيه على أن النبي، صلى الله عليه وسلم، مظهر لهذا الاسم الجامع، لأنه هو الآمر بالإبراز والإظهار.
(فإذا ما سمعتم ما أتيت به فعوا) (عوا) أمر من (وعا، يعى) إذا حفظ.
أي، فإذا سمعتم ما أتيت به من الله، لا منى، بفنائي فيه وبقائي به، فعوا واحفظوا بدرك معانيه وبتحقيق أسراره.
(ثم بالفهم فصلوا مجمل القول وأجمعوا) (45) أي، إذا سمعتم وفهمتم معناه وتحققتم بعلمه، فصلوا ما فيه من الإجمال وفرعوا عليه التفاريع المترتبة عليه، لأن أسرار هذا الكتاب أصول كلية، ومن علامات العلم بالأصول تعدى الذهن منها إلى تفاريعها، فمن لم يتفطن بتفاريعها لم يكن عالما بهذا الفن الذوقي و

(٤٥) - قوله: (ثم بالفهم فصلوا مجمل القول وأجمعوا) أي، بالذوق الحاصل من تعليم رسول الله (ص) فصلوا حقيقة المعارف والتجليات الحاصلة للأنبياء العظام، عليهم السلام، في المرائي التفصيلية التي هي الأعيان التابعة لهم، وأجمعوا بإرجاع كل كثرة إلى أحدية الجمع. أو فصلوا فصوص الحكم والمعارف الحاصلة للأنبياء، عليهم السلام، في المرائي التفصيلية التي هي أنفسكم بالتحقق بمقامهم، ثم أجمعوا بإرجاع كل إلى صاحبه الذي هو النبي صاحب الفص المذكور في الكتاب. وأما ما ذكره الشارح الفاضل من التفصيل و الإجمال فليس بشئ عند أهل المعارف. كما لا يخفى. (الإمام الخميني مد ظله)
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»