فإذا ما سمعتم ما * أتيت به فعوا ثم بالفهم فصلوا * مجمل القول وأجمعوا ثم منو به على * طالبيه لا تمنعوا هذه الرحمة التي * وسعتكم فوسعوا) قوله: (فمن الله فاسمعوا وإلى الله فارجعوا) جواب شرط مقدر. أي، إذا كان ما بينته من الأنوار وكشفته من الأسرار من الله، من غير تصرف منى، وأنا مأمور بإبرازه: (فمن الله فاسمعوا) لا منى (وإلى الله فارجعوا) عند سماعكم ما لا طاقة لكم بسماعه لعدم علمكم بحقيقة الأمر، وعدم استبانتكم في بعض أسراره لا إلى، فإنه ميسر كل عسير ليطلعكم بمعانيه كما هي، بإشراق أنواره في قلوبكم. وفيه تنبيه على أن النبي، صلى الله عليه وسلم، مظهر لهذا الاسم الجامع، لأنه هو الآمر بالإبراز والإظهار.
(فإذا ما سمعتم ما أتيت به فعوا) (عوا) أمر من (وعا، يعى) إذا حفظ.
أي، فإذا سمعتم ما أتيت به من الله، لا منى، بفنائي فيه وبقائي به، فعوا واحفظوا بدرك معانيه وبتحقيق أسراره.
(ثم بالفهم فصلوا مجمل القول وأجمعوا) (45) أي، إذا سمعتم وفهمتم معناه وتحققتم بعلمه، فصلوا ما فيه من الإجمال وفرعوا عليه التفاريع المترتبة عليه، لأن أسرار هذا الكتاب أصول كلية، ومن علامات العلم بالأصول تعدى الذهن منها إلى تفاريعها، فمن لم يتفطن بتفاريعها لم يكن عالما بهذا الفن الذوقي و