شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٢٢
كمال عظمته وأمره.
قوله: (وأن يحشرنا في زمرته) أي، يحشرنا ويجعلنا في الآخرة من أهل الله، التابعين لرسول الله، الفائزين بالسعادة العظمى والدرجة العليا، كما جعلنا من أمته في دار الدنيا.
قوله: (فأول ما ألقاه المالك على العبد من ذلك) (48) مبتدأ. خبره، قوله: ( فص حكمة إلهية في كلمة آدمية).
وإنما قال: (المالك) و (العبد) لأن الإلقاء لا يمكن إلا أن يكون بين الملقى والملقى عليه. والملقى هو الله تعالى، من حيث ربوبيته، و (الرب) هو المالك لأنه من جملة معانيه. والملقى عليه هو العبد. وأيضا، إلقاء هذه المعاني ليس إلا لتكميل المستعدين القابلين للوصول إلى مقام الجمع والوحدة الحقيقية، وذلك لا يمكن إلا بالتربية. ولما كان الملقى عليه عبدا، ذكر ما يقابله وهو المالك الذي هو بمعنى الرب.
والمراد ب‍ (العبد) نفسه. أي، أول ما ألقاه الله تعالى في قلبي على سبيل الإلهام من الحكم والأسرار (فص حكمة إلهية) وإن كان معطي الكتاب هو الرسول، صلى الله عليه وسلم. ويمكن أن يكون المراد ب‍ (المالك) الرسول، لأنه الاسم الأعظم الإلهي باعتبار اتحاد الظاهر والمظهر. ولا يجوز أن يقال، المراد

(48) - قوله: (فأول ما ألقاه...). لما كان الحق، تعالى شأنه، بمقام مالكيته يتصرف في قلوب الأولياء والكمل الذين خرجوا عن العالمين الذين هم تحت التربية الإلهية ويكون هذا التصرف المالكي بالتجليات الإلهية والجذبات الباطنية من الحضرة الغيبية والأسماء الباطنة، ويكون قلب العارف في هذا المقام مملوكا للمولى غير متصرف فيه غيره، قال الشيخ: (أول ما ألقاه المالك على العبد). ف‍ (الرب) من الأسماء الظاهرة الجمالية، وهو مختص بالعالمين، و (المالك) من الأسماء الباطنة الجلالية، وهو مختص بالعباد المجذوبين الفانين. قال تعالى: (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين).
فالربوبية للعالمين، والمالكية ليوم الدين، وهو يوم التجلي التام الواحدي، قال: (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار). (الإمام الخميني مد ظله)
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»