قوله: (حتى أكون مترجما (43) لا متحكما ليتحقق من يقف عليه من أهل الله أصحاب القلوب، أنه من مقام التقديس المنزه عن الأغراض النفسية التي يدخلها التلبيس). إشارة إلى أن هذه العبارة ليست ملقاة عليه في العالم الروحاني، بل شاهد الشيخ، رضى الله عنه، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في صورة مثالية، فأعطاه الكتاب، وألهمه الحق المعاني والحكم التي تضمنها الكتاب، فتجلت له وانكشفت عليه هذه الحقائق، ثم عبر عنها بألفاظه بقوله: (حتى أكون مترجما) أي، سألت الله العصمة والتأييد حتى أكون مترجما لما أراد الله إظهاره بلساني من المعاني والحكم التي أعلمني الله إياها من الكتاب الذي أعطانيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا متحكما بالتصرف النفساني فيها بالزيادة أو النقصان، فإنهما من فعل الشيطان.
والمراد ب (أهل الله)، الكاملون من أرباب الكشف والشهود، الواصلون إلى حضرة الذات والوجود، الراجعون من حضرة الجمع إلى مقام القلب، لذلك بين بقوله: (أصحاب القلوب). فإن الإنسان إنما يكون صاحب القلب، إذا تجلى له الغيب وانكشف له السر وظهر عنده حقيقة الأمر وتحقق بالأنوار الإلهية و تقلب في أطوار الربوبية، لأن المرتبة القلبية هي الولادة الثانية المشار إليها بقول عيسى، عليه السلام: (لن يلج ملكوت السماوات والأرض من لم يولد مرتين).
قوله: (أنه من مقام التقديس) أي، ليتحقق أهل الله بالحقيقة واليقين أن هذا الكتاب، أي معانيه وأسراره لا ألفاظه، منزل من مقام التقديس، وهو مقام أحدية جمع الجمع. وتقديسه وتنزيهه إنما يكون من الثنوية والأغيار باعتبار