بعينه الآخر باعتبارين. و (الرقم) الكتابة، و (الجنان) بفتح الجيم، القلب.
قوله: (بالإلقاء السبوحي والنفث الروحي في الروع النفسي بالتأييد الاعتصامي) متعلق ب (أن يخصني).
واعلم، أن الإلقاء، أي إلقاء الخاطر، رحماني وشيطاني. وكل منهما بلا واسطة أو بواسطة. والأول، هو الذي يحصل من الوجه الخاص الرحماني الذي يكون لكل موجود إلى ربه، وهو المراد ب (الإلقاء السبوحي) أي بالإلقاء الرحماني المنزه عما يقتضى الاسم (المضل) من الإلقاءات الشيطانية. والثاني، وهو الذي يفيض على العقل الأول، ثم منه على الأرواح القدسية، ثم منها على النفوس الحيوانية المنطبعة، على ما سبق تقريره في بيان الطرق، وهو المراد ب (النفث الروحي) أي الحاصل من (روح القدس)، مأخوذة من قوله، صلى الله عليه و سلم: (إن روح القدس نفث في روعي (أن نفسا لن تموت حتى يستكمل رزقها). و (النفث) هو إرسال النفس، أستعير لما يفيض من (الروح).
قوله: (في الروع النفسي) إشارة إلى ما يحصل للنفس المنطبعة من الإلقاء الملكي بواسطة النفس الناطقة. وهذا قد يكون من الأرواح المجردة غير الروح الإنساني، وقد يكون من الروح الإنساني. إذ كل ما يفيض من غير الوجه الخاص على الأدنى إنما هو بواسطة الأشرف، وهو الروح، ثم القلب. و (الروع) بضم الراء وسكون الواو، هو النفس. والمراد به هنا الوجه الذي يلي القلب المسمى ب (الصدر)، في اصطلاح القوم، ولذلك وصفه ونسبه إلى النفس.
و (المحترز منه) هو الشيطان، وهو بلا واسطة كالإلقاء من الاسم المضل، أو بواسطة كالإلقاء النفساني.
وقوله: (بالتأييد) متعلق ب (أن يخصني). و (الباء) بمعنى (مع). أي، و أن يخصني بالإلقاء السبوحي مع التأييد الاعتصامي. أو للملابسة، أي، ملتبسا بالتأييد. و (الاعتصام) من (العصمة). وهي الحفظ باسم (العاصم) و (الحفيظ)، قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا). وقال: (ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم).