شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣١١
(منا) أي، من جنسنا وأهل ديننا. وقوله: (كما أمرنا) إشارة إلى قوله: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم). وإلى قوله: (وإذا وليتم أميرا فأطيعوه ولو كان عبدا حبشيا) (38) و في التحقيق كل الطاعة لله تعالى: تارة في مقام جمعه، وتارة في مقام تفصيله و أكمل مظاهره.
(فحققت الأمنية وأخلصت النية (39) وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب، كما حده لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة ولا نقصان).
أي، جعلت أمنية رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حقا محققا، أي، ثابتا في الخارج وظاهرا في الحس بتعبيري إياه وإظهاري فحواه على النفوس المستعدة الطالبة لمعناه، كما قال تعالى حكاية عن يوسف، عليه السلام: (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا). أي، أخرجها وأظهرها في الحس. فاللام للعهد، أو عوض عن الإضافة.
و (الأمنية) هو المقصود والمطلوب. وإنما أضفناها إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دون الشيخ، لأن الآمر بالإخراج هو الرسول والشيخ مأمور، أراد ذلك أو لم يرد. اللهم إلا أن يقول الشيخ طلبه بلسان استعداد عينه وروحه عن حضرة روح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فحينئذ تكون الأمنية من طرفه. و الأول أولى. وإطلاق هذه اللفظة المأخوذة من (التمني) على الأنبياء سائغ، كما

(38) - عندنا معاشر الشيعة الجعفرية الوارث للعلوم الختمية والمقام المحمدية لا يجب إطاعة كل أمير متغلب على أمر الأمة، لأنه لا يجوز إطاعة غير المعصوم البالغ إلى مقام الأكملية. وقد حقق هذا الأمر أستاذ مشايخنا، ميرزا محمد رضا قمشه‌اى، في تعاليقه على مقدمة هذا الشرح و (الفص الشيثي). (ج) (39) - ولما كان إصدار الجزئيات وتسطير النقوش الدالة على ما في الكتاب وإبرازها من مكامن القوة والإمكان إلى مجالي الفعل والعيان إنما يتم بأمور ثلاثة: الأول، تعقلها وهو الهمة، و الثاني، تخيلها وهو القصد، والثالث، انعقاد الجوارح وتوجهها جملة نحو تحصيل المتخيل وتصديره وهو النية. إلى ذلك أشار بقوله: (وأخلصت النية). (ج)
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»