(منا) أي، من جنسنا وأهل ديننا. وقوله: (كما أمرنا) إشارة إلى قوله: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم). وإلى قوله: (وإذا وليتم أميرا فأطيعوه ولو كان عبدا حبشيا) (38) و في التحقيق كل الطاعة لله تعالى: تارة في مقام جمعه، وتارة في مقام تفصيله و أكمل مظاهره.
(فحققت الأمنية وأخلصت النية (39) وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب، كما حده لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة ولا نقصان).
أي، جعلت أمنية رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حقا محققا، أي، ثابتا في الخارج وظاهرا في الحس بتعبيري إياه وإظهاري فحواه على النفوس المستعدة الطالبة لمعناه، كما قال تعالى حكاية عن يوسف، عليه السلام: (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا). أي، أخرجها وأظهرها في الحس. فاللام للعهد، أو عوض عن الإضافة.
و (الأمنية) هو المقصود والمطلوب. وإنما أضفناها إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دون الشيخ، لأن الآمر بالإخراج هو الرسول والشيخ مأمور، أراد ذلك أو لم يرد. اللهم إلا أن يقول الشيخ طلبه بلسان استعداد عينه وروحه عن حضرة روح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فحينئذ تكون الأمنية من طرفه. و الأول أولى. وإطلاق هذه اللفظة المأخوذة من (التمني) على الأنبياء سائغ، كما