لحقائق العالم.
فاللام في (الهمم) لاستغراق الجنس، لأنه الجمع المحلى بالألف واللام، وهو يفيد الاستغراق، كما تقرر عند علماء الظاهر. وإن جعلنا إمداده مخصوصا بالكمال السابق في الذهن بحسب الظاهر، فاللام للعهد. أي، يمد الهمم القابلة للكمال بإرشاده طريقه وإيضاحه تحقيقه، وتسليكه سبيلا يوجب الكشف و الشهود وترغيبه فيما يوجب الذوق والوجود. وأمره بالعبادات والأخلاق المرضية ونهيه عما يوجب النقص والرين من المنهيات الشرعية ليترقى الهمم العالية إلى أوجها وذروتها ويتخلص من قيود الحضيض بذكر مقامها الأصلي ونشأتها.
و (الهمم) جمع (الهمة)، وهي مأخوذة من (الهم)، وهو القصد. يقال: هم بكذا. إذا قصده. قال تعالى: (ولقد همت به وهم بها). وفي الاصطلاح، توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جناب الحق لحصول الكمال له أو لغيره.
قوله: (من خزائن الجود والكرم) متعلق بقوله: (ممد الهمم). والخزائن هي الحقائق الإلهية المعبر عنها بالأسماء والصفات. ولما كان كل من هو الجواد الكريم لا يعطى ما يعطى إلا من خزائنه بحسب جوده وكرمه، أضاف (الخزائن) إلى (الجود والكرم). و (اللام) فيهما عوض عن الإضافة. أي، من خزائن جوده وكرمه تعالى. وقيل: (الفرق بينه وبين الكرم، أن الجود صفة ذاتية للجواد ولا يتوقف بالاستحقاق ولا بالسؤال بخلاف الكرم، فإنه مسبوق بالاستحقاق القابل والسؤال منه) (26) وإمداد النبي، صلى الله عليه وسلم،