شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٠١
اختلاف المعجزات في وحدة حقيقة المعجزة. ولذلك كان معجزات كل من الأنبياء، عليهم السلام، بحسب ما هو غالبة على ذلك القوم: كما أتى موسى بما يبطل السحر لغلبته عليهم، وعيسى، عليه السلام، بإبراء الأكمة والأبرص، لما غلب على قومه الطب، ونبينا، صلى الله عليه وسلم، بالقرآن الكريم المعجز بفصاحته كل مغلق بليغ ومصقع فصيح، لما كان الغالب على قومه التفاخر بالفصاحة والبلاغة.
قوله: (وصلى الله على ممد الهمم) إتيان بما يجب بعد حمد الحق تعالى من الصلاة على من هو فصل الخطاب والواسطة بين أهل العالم (19) ورب الأرباب (20) علما وعينا، كما مر بيانه في الفصل الثامن. قيل: (الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء).
واعلم، أن الرحمة من الله يتعلق بكل شئ بحسب استعداد ذلك الشئ و طلبه إياها (21) من حضرة الله تعالى: فالرحمة على العاصين المذنبين، الغفر ان

(١٩) - في بعض النسخ من جملتها ط گ‍: (بين أهل هذا العالم). ومن البديهي جدا وساطته، صلى الله عليه وآله وسلم، في إيصال الفيض على جميع العوالم، ومن ألقابه في الكتاب:
(رحمة للعالمين). وأما عد التعين الثاني وأعيان الأشياء والأول من العالم مبنى على ما قيل إن كل متعين مخلوق، كما صرح به الشارح الكاشاني في المصطلحات الصوفية. والحق أن كل ما وقع تحت ذل (كن) و (الأمر) وهو من العالم. (ج) (20) - وأن لعينه الثابتة سمة السيادة على الأعيان العالمية، وهو معنى اسم الله الأعظم. والهمة قد تجيئ من القصد، أو هي قوة القصد في طلب كمال يليق بالعبد. ولكل طالب استعداد خاص يطلب بالذات لما يليق بشأنه. (ج) (21) - طلبه الرحمة الامتنانية الواسعة بلسان استعداده الذاتي. والاستعدادات كلها من مقتضيات الأسماء. والاستعدادات غير مجعولة بلا مجعولية أسمائه وذاته المقدسة. ولما كان نبينا (ص) صاحب اسم الله الأعظم الشامل لحقائق جميع الأسماء، كان مبدأ كل همة بل ممدا لكل همة بما في خزائن الأسماء، ولا جرم يكون مربى صاحب هذه الهمة هو الحق و أن مشربه من اسم الله الذاتي، لا الوصفي. (ج)
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»