شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٣٠٢
والعفو عنهم، ثم ما يبتنى على المغفرة من الجنة وغيرها. وعلى المطيعين الصالحين، الجنة والرضاء ولقاء الحق تعالى، وغير ذلك (مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). وعلى العارفين الموحدين مع ذلك، إفاضة العلوم اليقينية والمعارف الحقيقية. وعلى المحققين الكاملين المكملين من الأنبياء والأولياء عليهم السلام، التجليات الذاتية والأسمائية (22) والصفاتية، وأعلى مراتب الجنان من جنات الأعمال والصفات والذات، (23) وأعنى بجنة الذات و الصفات ما به ابتهاج المبدأ الأول من ذاته وكمالاته الذاتية. فالرحمة المتعلقة بقلب النبي، صلى الله عليه وآله، وروحه، هي أعلى مراتب التجليات الذاتية و الأسمائية لكمال استعداده وقوة طلبه إياها، وفيضها من الاسم الجامع الإلهي الذي هو منبع الأنوار كلها لأنه ربه، لذلك قال تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) (24) ولم يقل: إن الرحمن والرحيم أو غيرهما.

(٢٢) - قال بعضهم: إن التجليات الأسمائية مترتبة، بمعنى أن اللاحق في التجلي أعز من السابق، لأن تجلى الحق في التفصيل أعز من تجليه في الإجمال، فالتجلي باسمه (الله) قبل تجليه باسمه (الرحمن)، وأنه أعز لتفصيله بالنسبة إلى اسم الله بخلاف التجليات الذاتية، فإن السابق أعز. (غلامعلى) (٢٣) - اعلم، أن حقيقة الجنة هي حقيقة الابتهاج والبهجة المرضية. ولهذه البهجة مراتب، و أعلاها بهجة الذات وهي عبارة عن ظهوره وتجليه بذاته المنبعث عن جنة الذاتي المستلزم لظهوره باسمه الجامع وهو (الله). فكل من هو مظهر لهذا الاسم فهو صاحب تلك الجنة العالية التي ليست فوقها جنة، وهو الحقيقة المحمدية، وباقي الجنات كلها ظهورات تلك الجنة، وكل من هو دون الذات مستفيد من تلك الحضرة، بل نفس الله الوصفي مستفيدة من حقيقة النبوة، وصلاته عليها مجازاة، فافهم. (غلامعلى) أقول: في المأثورات النبوية:
(إن لله جنة ليس فيها حور ولا قصور وإن ربنا يتجلى فيها متبسما). (ج) (٢٤) - بالإمداد وبالتأييدات والإفاضة للكمالات. فالمصلى في الحقيقة هو الله تعالى جمعا و تفصيلا بواسطة وغير واسطة. ومن ذلك تعلم صلاة المؤمنين عليه وتسليمهم له، فإنها من حيز التفصيل، وحقيقة صلاتهم عليه قبولهم لهدايته وكماله ومحبتهم لذاته وصفاته، فإنها إمداد له منهم وتكميل وتعميم للفيض، إذ لو لم يمكن قبولهم لكمالاته، لما ظهرت ولم يوصف بالهداية والتكميل. فالإمداد أعم من أن يكون من فوق بالتأثير أو من تحت بالتأثر و الإعداد والقبول من فوق: (والله من ورائهم محيط). وأفضل من كل صلاة صلاة الله بعد فناء النبي (ص) في الأحدية الذاتية ورجوعه أو تنزله لقبول هذه الصلاة. وشرح صلاة الإلهي يبهر العقول والنفوس. (ج)
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»