كلها موجود بوجود واحد؟ فيجب ان يكون كلها مختفيا ومعلوم ان الوجود إذا لم يتعين بمرتبة مخصوصة لم يصير منشأ لانتزاع معنى مخصوص ومهية مخصوصة، ولا شك ان العقل لا ينتزع من الوجود المخصوص كالانسان، مثلا، الا معنا مخصوصا فيجب ان يكون لوجود الانسان حد مخصوص حتى ينتزع منه معنى مخصوصا وإذا كان له حد مخصوص فلا يكون ذلك الوجود المحدود المخصوص واجبا. ولا شك أيضا، انه لا يمكن ان يكون الوجود الواحد بمرتبة واحدة وحد واحد ووجود المهيات مختلفة بل متباينة بحيث ان يترتب على كل واحد منها، أي من تلك المهيات، آثار مخصوصة بتلك المهيات.
وأقول أيضا، ان هذا الوجود الذي فرض كونه واجبا وساريا بذاته في جميع الموجودات، هل يجوز ان يكون مجردا عن جميع التعينات والخصوصيات أم لا (18)؟
والثاني، يلزم منه الاحتياج وكونه متعينات بتعينات غير متناهية بحيث إذا قطع النظر عن جميع التعينات لا يمكن ان يكون موجودا (19) ويلزم اتصافه بصفات الممكنات والنقايص بحسب الذات لأنه لا يمكن خلوه عنها على هذا التقدير، لان مرتبة ذاته التقدير كونه متعينا بتلك التعينات فإذا فرض مجردا عن تلك التعينات لا تكون تلك المرتبة تلك المرتبة بل شئ آخر، كما إذا فرض وجود زيد المحدود بحد خاص تجرد عن هذا الحد لا يكون وجود زيد لان هذا الحد الخاص مأخوذ في زيدية زيد، ويلزم كون الواجب ذا مهيات غير متناهية، وقد ثبت ان لا مهية له سوى الإنية.
قال مولانا عبد الرحمن الجامي في نقد الفصوص (النصوص) طبع طهران ص 88 في أول فص الآدمي: فاذن انكار للأول تعالى، امر ليس له نظير فيك فلا سبيل لك إلى فهمه البتة، وذلك هو ذاته، فإنه وجود بلا مهية، هو منبع كل وجود، الخ. فيلزم على هذا التقدير ان يكون ذاته محدودة متناهية.
ان قلت، يمكن ان يكون ذلك الوجود غير متقوم بالتعينات أيضا من العوارض المفارقة بل التعينات تكون لوازم له والملزومات لا تكون متقوما باللوازم ولا تكون مفارقا عنه.