بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٩
تحت مقولته الخارجية فقط (1)، وقد عرفت ما فيه (2).
وبعضهم إلى أن الماهيات الخارجية موجودة في الذهن بأشباحها لا بأنفسها، وشبح الشئ يغاير الشئ ويباينه، فالصورة الذهنية كيفية نفسانية، وأما المقولة الخارجية فغير باقية فيها، فلا إشكال (3). وقد عرفت ما فيه (4).
وقد أجيب عن الإشكال بوجوه:
منها: ما عن بعضهم: " أن العلم غير المعلوم، فعند حصول ماهية من الماهيات الخارجية في الذهن أمران: أحدهما: الماهية الحاصلة نفسها على ما كانت عليه في الخارج، وهو المعلوم وهو غير قائم بالنفس، بل قائم بنفسه حاصل فيه حصول الشئ في الزمان والمكان. والآخر: صفة حاصلة للنفس قائمة بها، يطرد بها عنها الجهل، وهو العلم، وعلى هذا فالمعلوم مندرج تحت مقولته الخارجية، من جوهر أو كم أو غير ذلك، والعلم كيف نفساني، فلا اجتماع أصلا لا لمقولتين ولا لنوعين من مقولة " (5).
وفيه: أنه خلاف ما نجده من أنفسنا عند العلم، فإن الصورة الحاصلة في نفوسنا عند العلم بشئ هي بعينها التي تطرد عنا الجهل وتصير وصفا لنا نتصف به.
ومنها: ما عن بعض القائلين بأصالة الماهية: " أن الصورة الحاصلة في الذهن منسلخة عن ماهيتها الخارجية، ومنقلبة إلى الكيف. بيان ذلك: أن موجودية الماهية متقدمة على نفسها، فمع قطع النظر عن الوجود لا ماهية أصلا، والوجود الذهني والخارجي مختلفان بالحقيقة، فإذا تبدل الوجود بصيرورة الوجود

(1) والقائل به هو فخر الدين الرازي، فراجع المباحث المشرقية 1: 321.
(2) راجع ما ذكر في السطور السابقة.
(3) هذا ما ذهب إليه القدماء، كما في شوارق الإلهام 1: 51، وتعليقة الحكيم السبزواري على الأسفار 1: 314. ونسبه إلى جماعة من الحكماء في شرح المنظومة: 31.
(4) راجع ما ذكر في بدء هذا الفصل.
(5) هذا ما أجاب به المحقق القوشجي في شرح التجريد: 14 - 15. وتعرض له صدر المتألهين في الأسفار 1: 282.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»