بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٥٢
ما وجوده عرضي، وهي جميعا وجودات محمولية مستقلة تختلف حالها بالقياس إلى عللها وأخذها في نفسها، فهي بالنظر إلى عللها وجودات رابطة، وبالنظر إلى أنفسها وجودات مستقلة، فإذن المطلوب ثابت.
ويظهر مما تقدم (1)، أن المفهوم تابع - في استقلاله بالمفهومية وعدمه - لوجوده الذي ينتزع منه، وليس له من نفسه إلا الإبهام.
الفصل الثالث من الوجود في نفسه ما هو لغيره ومنه ما هو لنفسه والمراد بكون وجود الشئ لغيره أن يكون الوجود الذي له في نفسه - وهو الذي يطرد عن ماهيته العدم - هو بعينه يطرد عدما عن شئ آخر، لا عدم ذاته وماهيته (2)، وإلا كان لوجود واحد ماهيتان، وهو كثرة الواحد، بل عدما زائدا على ذاته وماهيته، له (3) نوع مقارنة له (4)، كالعلم الذي يطرد بوجوده العدم عن ماهيته الكيفية، ويطرد به بعينه عن موضوعه الجهل الذي هو نوع من العدم يقارنه، وكالقدرة فإنها كما تطرد عن ماهية نفسها العدم، تطرد بعينها عن موضوعها العجز.
والدليل على تحقق هذا القسم (5) وجودات الأعراض، فإن كلا منها كما يطرد عن ماهية نفسه العدم، يطرد بعينه عن موضوعه نوعا من العدم، وكذلك الصور النوعية الجوهرية، فإن لها نوع حصول لموادها تكملها وتطرد عنها نقصا جوهريا، وهذا النوع من الطرد هو المراد بكون الوجود " لغيره " وكونه ناعتا.
ويقابله ما كان طاردا لعدم نفسه فحسب (6)، كالأنواع التامة الجوهرية، كالإنسان والفرس، ويسمى هذا النوع من الوجود: " وجودا لنفسه "، فإذن المطلوب ثابت، وذلك ما أردناه.

(1) في الفصل السابق.
(2) أي لا عدم ذات ذلك الشئ الآخر وماهيته.
(3) أي لذلك العدم.
(4) أي للشئ.
(5) أي الوجود لغيره.
(6) أي ويقابله ما كان وجوده طاردا للعدم عن ماهية نفسه فحسب.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 48 50 51 52 53 54 56 57 58 ... » »»