بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٧
والإيجاب إثبات، وإثبات شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له، فلهذه الموضوعات المعدومة وجود، وإذ ليس في الخارج ففي موطن آخر، ونسميه: " الذهن ".
الثاني: أنا نتصور أمورا تتصف بالكلية والعموم، كالإنسان الكلي والحيوان الكلي، والتصور إشارة عقلية لا تتحقق إلا بمشار إليه موجود، وإذ لا وجود للكلي بما هو كلي في الخارج، فهي موجودة في موطن آخر، ونسميه: " الذهن ".
الثالث: أنا نتصور الصرف من كل حقيقة، وهو الحقيقة محذوفا عنها ما يكثرها بالخلط والانضمام، كالبياض المتصور بحذف جميع الشوائب الأجنبية، وصرف الشئ لا يتثنى ولا يتكرر، فهو واحد وحدة جامعة لكل ما هو من سنخه، والحقيقة بهذا الوصف غير موجودة في الخارج، فهي موجودة في موطن آخر، نسميه: " الذهن ".
تتمة:
قد استشكل على وجود الماهيات في الذهن - بمعنى حصولها بأنفسها فيه (1) - إشكالات:
الإشكال الأول (2): أن القول بحصول الماهيات بأنفسها في الذهن يستلزم كون الشئ الواحد جوهرا وعرضا معا، وهو محال. بيان الملازمة: أن الجوهر المعقول في الذهن جوهر، بناء على انحفاظ الذاتيات، وهو بعينه عرض، لقيامه بالنفس قيام العرض بمعروضه. وأما بطلان اللازم، فللزوم كونه قائما بالموضوع وغير قائم به.

(1) لا بمعنى حصول أشباحها في الذهن.
(2) كما يظهر من الشارح القوشجي في شرح التجريد: 14.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 33 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»