بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٨
الإشكال الثاني: أن الماهية الذهنية مندرجة تحت مقولة الكيف (1) بناء على ما ذهبوا إليه من كون الصور العلمية كيفيات نفسانية، ثم إنا إذا تصورنا جوهرا، كان مندرجا تحت مقولة الجوهر - لانحفاظ الذاتيات - وتحت مقولة الكيف، كما تقدم، والمقولات متباينة بتمام الذوات (2)، فيلزم التناقض في الذات، وكذا إذا تصورنا مقولة أخرى غير الجوهر، كانت الماهية المتصورة مندرجة تحت مقولتين، وكذا لو تصورنا كيفا محسوسا، كان مندرجا تحت الكيف المحسوس والكيف النفساني، وهو اندراج شئ واحد تحت نوعين متباينين من مقولة، واستحالته ضرورية.
قالوا: " وهذا الإشكال أصعب من الأول، إذ لا كثير إشكال في كون شئ واحد جوهرا وعرضا، لأن التباين الذاتي الذي بين المقولات إنما هو بين الجوهر والكيف والكم وغيرها، وأما مفهوم العرض - بمعنى القائم بالموضوع - فهو عرض عام صادق على تسع من المقولات، ومن الجائز أن يعم الجوهر الذهني أيضا ويصدق عليه، لأن المأخوذ في رسم الجوهر أنه " ماهية إذا وجدت في الخارج وجدت لا في موضوع "، فمن الجائز أن يقوم في الذهن في موضوع، وهو إذا وجد في الخارج كان لا في موضوع، هذا، وأما دخول الماهية الواحدة تحت مقولتين، كالجوهر والكيف، وكالكم والكيف، والمقولات متباينات بتمام الذوات، فاستحالته ضرورية لا مدفع لها " (3).
وبالتوجه إلى ما تقدم من الإشكال ونحوه، ذهب بعضهم إلى إنكار الوجود الذهني من أصله، بالقول بأن العلم إضافة من النفس إلى الخارج، فالمعلوم مندرج

(1) وهو عرض لا يقبل قسمة ولا نسبة لذاته. - منه (رحمه الله) -.
(2) إذ لو لم تكن متباينة بتمام الذات، كانت مشتركة في بعض الذات، فكان لها جنس فوقها، والمفروض أنها أجناس عالية ليس فوقها جنس، هذا خلف، فهي بسائط متباينة بتمام الذات. - منه (رحمه الله) -.
(3) انتهى ما قال الحكيم السبزواري في وجه أصعبيته من الأول. فراجع شرح المنظومة: 30.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 33 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»