بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٤٣
من حيث كونها موجودا ذهنيا مقيسا إلى خارج لا تترتب عليها آثاره، بل من حيث كونها حالا أو ملكة للنفس تطرد عنها عدما، وهي كمال للنفس زائد عليها ناعت لها، وهذا أثر خارجي مترتب عليها، وإذا كانت النفس موضوعة لها مستغنية عنها في نفسها، فهي عرض لها، ويصدق عليها حد الكيف (1).
ودعوى: " أن ليس هناك أمر زائد على النفس منضم إليها " (2)، ممنوعة. فظهر أن الصورة العلمية من حيث كونها حالا أو ملكة للنفس كيف حقيقة وبالذات، ومن حيث كونها موجودا ذهنيا كيف بالعرض، وهو المطلوب.
الإشكال الثالث: أن لازم القول بالوجود الذهني وحصول الأشياء بأنفسها في الأذهان كون النفس حارة باردة، عريضة طويلة، متحيزة متحركة، مربعة مثلثة، مؤمنة كافرة، وهكذا، عند تصور الحرارة والبرودة، إلى غير ذلك، وهو باطل بالضرورة، بيان الملازمة: أنها لا نعني بالحار والبارد والعريض والطويل ونحو ذلك، إلا ما حصلت له هذه المعاني وقامت به.
والجواب عنه: أن المعاني الخارجية، كالحرارة والبرودة ونحوهما، إنما تحصل في الأذهان بماهياتها لا بوجوداتها العينية، وتصدق عليها بالحمل الأولي دون الشائع، والذي يوجب الاتصاف حصول هذه المعاني بوجوداتها الخارجية وقيامها بموضوعاتها، دون حصول ماهياتها لها وقيام ما هي هي بالحمل الأولي.
الإشكال الرابع: أنا نتصور المحالات الذاتية، كشريك البارئ، واجتماع النقيضين وارتفاعهما، وسلب الشئ عن نفسه، فلو كانت الأشياء حاصلة بأنفسها في الأذهان، استلزم ذلك ثبوت المحالات الذاتية.
والجواب عنه: أن الحاصل من المحالات الذاتية في الأذهان مفاهيمها

(1) أي يكون وجود الصورة العلمية في النفس بحيث تستغني النفس عنه، فتكون موضوعة لها، لأن معنى المستغنى عن الحال هو الموضوع، فتكون الصورة العلمية موجودة في الموضوع، وما وجد في الموضوع عرض، فالصورة العلمية عرض ويصدق عليها حد الكيف.
(2) هذا ما ادعاه الحكيم السبزواري في شرح المنظومة: 36.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 48 50 ... » »»