بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٤٢
فتبين: أن الصورة الذهنية غير مندرجة تحت ما يصدق عليها من المقولات، لعدم ترتب آثارها عليها، لكن الصورة الذهنية إنما لا تترتب عليها آثار المعلوم الخارجي من حيث هي وجود مقيس إلى ما بحذائها من الوجود الخارجي، وأما من حيث إنها حاصلة للنفس حالا أو ملكة تطرد عنها الجهل، فهي وجود خارجي موجود للنفس ناعت لها، يصدق عليه حد الكيف بالحمل الشائع، وهو أنه:
" عرض لا يقبل قسمة ولا نسبة لذاته "، فهو مندرج بالذات تحت مقولة الكيف وإن لم يكن - من جهة كونه وجودا ذهنيا مقيسا إلى الخارج - داخلا تحت شئ من المقولات، لعدم ترتب الآثار، اللهم إلا تحت مقولة الكيف بالعرض (1).
وبهذا البيان يتضح: اندفاع ما أورده بعض المحققين على كون العلم كيفا بالذات وكون الصورة الذهنية كيفا بالعرض من: " أن وجود تلك الصور في نفسها ووجودها للنفس واحد، وليس ذلك الوجود والظهور للنفس ضميمة تزيد على وجودها تكون هي كيفا في النفس، لأن وجودها الخارجي لم يبق بكليته، وماهياتها في أنفسها كل من مقولة خاصة، وباعتبار وجودها الذهني لا جوهر ولا عرض، وظهورها لدى النفس ليس سوى تلك الماهية وذلك الوجود، إذ ظهور الشئ ليس أمرا ينضم إليه وإلا لكان ظهور نفسه، وليس هناك أمر آخر، والكيف من المحمولات بالضميمة، والظهور والوجود للنفس لو كان نسبة مقولية، كانت ماهية العلم إضافة لا كيفا، وإذا كان إضافة إشراقية [من النفس]، كان (2) وجودا، فالعلم نور وظهور، وهما وجود، والوجود ليس ماهية " (3).
وجه الاندفاع: أن الصورة العلمية هي الموجودة للنفس الظاهرة لها، لكن لا

(1) والحاصل أنا نمنع كون الشئ الواحد جوهرا وعرضا في الأعيان، ولا نمنع كونه عرضا باعتبار وجوده الذهني وجوهرا باعتبار وجوده الخارجي.
(2) أي العلم.
(3) انتهى ما أورده الحكيم السبزواري على كون العلم كيفا بالذات وكون الصورة الذهنية كيفا بالعرض. راجع شرح المنظومة: 36 - 37.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 48 ... » »»