بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٨٨
ومما تقدم يظهر:
أولا: أن ما كان من المفاهيم محمولا على الواجب والممكن معا كالوجود والحياة فهو اعتباري، وإلا لكان الواجب ذا ماهية تعالى عن ذلك.
وثانيا: أن ما كان منها محمولا على أزيد من مقولة واحدة كالحركة فهو اعتباري، وإلا كان مجنسا بجنسين فأزيد، وهو محال.
وثالثا: أن المفاهيم الاعتبارية لا حد لها (1)، ولا تؤخذ في حد ماهية من الماهيات (2).
وللاعتباري معان اخر خارجة من بحثنا:
منها: الاعتباري مقابل الأصيل، كالماهية مقابل الوجود.
ومنها: الاعتباري بمعنى ما ليس له وجود منحاز، مقابل ما له وجود منحاز، كالإضافة الموجودة بوجود طرفيها، مقابل الجوهر الموجود بنفسه.
ومنها: ما يوقع ويحمل على الموضوعات بنوع من التشبيه والمناسبة، للحصول على غاية عملية، كاطلاق الرأس على زيد، لكون نسبته إلى القوم كنسبة الرأس إلى البدن، حيث يدبر أمرهم ويصلح شأنهم ويشير إلى كل بما يخصه من واجب العمل.
الفصل العاشر في أحكام متفرقة منها: أن المعلوم بالعلم الحصولي ينقسم إلى " معلوم بالذات " و " معلوم بالعرض "، والمعلوم بالذات هو الصورة الحاصلة بنفسها عند العالم، والمعلوم بالعرض هو الأمر الخارجي الذي يحكيه الصورة العلمية، ويسمى: " معلوما

(1) لأن المفاهيم الاعتبارية لا ماهية لها داخلة في شئ من المقولات، فلا جنس لها ولا فصل لها حتى يحد بهما.
(2) لأن من أركان البرهان أن تكون المقدمات ضرورية دائمة كلية، والمقدمات الاعتبارية لا تتعدى حد الدعوى.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 194 ... » »»