الوجود الرابط - بين الشئ ونفسه.
وأن القضية السالبة (1) مؤلفة من الموضوع والمحمول والنسبة الحكمية الإيجابية، ولا حكم فيها (2)، لا أن فيها حكما عدميا، لأن الحكم جعل شئ شيئا، وسلب الحكم عدم جعله، لا جعل عدمه.
والحق: أن الحاجة إلى تصور النسبة الحكمية إنما هي من جهة الحكم بما هو فعل النفس، لا بما هو جزء القضية، أي إن القضية إنما هي الموضوع والمحمول والحكم، ولا حاجة في تحقق القضية بما هي قضية إلى تصور النسبة الحكمية، وإنما الحاجة إلى تصورها لتحقق الحكم من النفس وجعلها الموضوع هو المحمول، ويدل على ذلك تحقق القضية في الهليات البسيطة بدون النسبة الحكمية التي تربط المحمول بالموضوع.
فقد تبين بهذا البيان:
أولا: أن القضية الموجبة ذات أجزاء ثلاثة: الموضوع والمحمول والحكم، والسالبة ذات جزئين: الموضوع والمحمول، وأن النسبة الحكمية تحتاج إليها النفس في فعلها الحكم، لا القضية بما هي قضية في انعقادها.
وثانيا: أن الحكم فعل من النفس في ظرف الإدراك الذهني، وليس من الانفعال التصوري في شئ، وحقيقة الحكم في قولنا: " زيد قائم " - مثلا - أن النفس تنال من طريق الحس موجودا واحدا هو " زيد القائم "، ثم تجزؤه إلى مفهومي: " زيد " و " القائم " وتخزنهما عندها، ثم إذا أرادت حكاية ما وجدته في الخارج، أخذت صورتي " زيد " و " القائم " من خزانتها وهما اثنتان، ثم جعلتهما واحدا ذا وجود واحد، وهذا هو الحكم الذي ذكرنا أنه فعل للنفس تحكى به