المحسوسة، وتوقف الصورة الخيالية على ذلك، فإنما هو لحصول الاستعداد الخاص للنفس لتقوى به على تمثيل الصورة العلمية، وتفصيل القول في علم النفس.
ومما تقدم يظهر أن قولهم: " إن التعقل إنما هو بتقشير المعلوم عن المادة والأعراض المشخصة له حتى لا يبقى إلا الماهية المعراة عن القشور، كالإنسان المجرد عن المادة الجسمية والمشخصات الزمانية والمكانية والوضعية وغيرها، بخلاف الإحساس المشروط بحضور المادة واكتناف الأعراض والهيئات الشخصية، والخيال المشروط ببقاء الأعراض والهيئات المشخصة، من دون حضور المادة " (1)، قول على سبيل التمثيل للتقريب، وإلا فالمحسوس صورة مجردة علمية، واشتراط حضور المادة والاكتناف بالأعراض المشخصة لحصول الاستعداد في النفس للاحساس، وكذا اشتراط الاكتناف بالمشخصات للتخيل، وكذا اشتراط التقشير في التعقل للدلالة على اشتراط تخيل أزيد من فرد واحد في حصول استعداد النفس لتعقل الماهية الكلية المعبر عنه بانتزاع الكلي من الأفراد.
وتبين مما تقدم أيضا أن الوجود ينقسم - من حيث التجرد عن المادة وعدمه - إلى ثلاثة عوالم كلية:
أحدها: عالم المادة والقوة.
والثاني: عالم التجرد عن المادة دون آثارها - من الشكل والمقدار والوضع وغيرها -، ففيه الصور الجسمانية وأعراضها وهيئاتها الكمالية من غير مادة تحمل القوة والانفعال، ويسمى: " عالم المثال " و " البرزخ بين عالم العقل وعالم المادة ".
والثالث: عالم التجرد عن المادة وآثارها، ويسمى: " عالم العقل ".