مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٦٩
ومن علاماته ان يتحقق ان حكم الحق وتجلياته واثاره في وجوده واخباراته وأمره وحكم ارادته في كل زمان وحال مختص بذلك الزمان والحال واهلهما، وان موجب الحكم بالاستمرار والدوام في كل ما يحكم عليه بهما انما هو حجاب المثل بالنسبة إلى المحجوب، من أجل ان الزائلات يعقبها في بعض الأمور، وغالب الصور ظهور (1) أمثالها - دون تخلل فترة - تظهر (2) الفصل بين الزائل والمتجدد، فيظن (3) المحجوبون ان المتجدد عين الزائل - لما ذكرناه - من حجاب المثلية - وليس كذلك - ووقت الرعاية للحجاب وأهله، وحكمها (4) تهمما بالأعم والأغلب، إذ هو مقتضى السنة الكلية الإلهية، ولسر الوقت والحال أيضا والمقيدين بحكمهما قهرا، لا اختيارا. وصاحب هذا الذوق المنبه عليه لا يحكم بماض على مستقبل ولا بحال على ماض وآت، وما عدا الوقت الذي هو الان الغير المنقسم، فاما ماض أو مستقبل، فافهم.
فإذا تحقق الانسان بما ذكرنا كان ابن وقته الذي هو نفسه، هذا ان حصل له هذا العلم والحال قبل التحقق بمقام الكمال وذوقه الخصيص به، والا فإنه متى كمل صار أبا للانفاس والأحوال والأوقات والأرواح والصور والمواطن وغير ذلك، منه ينتشئ كل ما ذكر وبه يتعين فيظهر.
ومن شأنه أيضا ان لا يمزج حكم مرتبة بأخرى، ولا يربط ويسند حقيقة جزئية أو حكمها إلى غير أصلها من الوجه المغاير، بل يترك المتعددات كلها من المراتب والأسماء والحقائق الكونية بعد انصباغها بحكم الوجود الشامل لسائرها، كهى في باطن الامر من كونها معدومة لا وجود لها الا في العلم، فإنه من شهد ما ذكرنا من التميز العلمي وكان في حكمه على (5) ما انسحب عليه الوجود الواحد الشامل، ملاحظا ذلك التميز الأصلي ولم يحجبه حكم الوجود الواحد المنبسط على كل متعدد عن (6) شهود

(1) - فاعل يعقبها - ش (2) - صفة فترة - ش (3) - عطف على يعقبها - ش (4) - بالجر عطف على الحجاب وضمير التثنية راجع إلى الحجاب وأهله - ش (5) - متعلق على حكمه - ش (6) - متعلق على لم يحجبه - ش
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست