مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٠
ولهذا العلم المنبه على سره في المظهر الذي شأنه ما ذكرنا خواص عزيزة: منها معرفته بالله في حال افتراق اجزاء جسد، أمورا يثبت بها شرفه وتقريبه، وتمكنه أيضا من تدبير اجزائه الجسمانية قبل اجتماعها وقبل تعين الروح بهذا المزاج وبحسبه على ما هو مذهب المحققين.
فان قلت: فكيف يتصف بالعلم من لم يتعين بعد؟
فنقول: اعلم أن أرواح الكمل وان سميت جزئية بالاعتبار العام المشترك، فان منها ما هو كلي الوصف والذات، فيتصف بالعلم وغيره قبل تعينه بهذا المزاج العنصري من حيث تعينه بنفس تعين الروح الإلهي الأصلي وفي مرتبة النفس الكلية، فيكون نفس تعين الروح الإلهي بمظهره القدسي تعينا له، فيشارك الروح الإلهي في معرفة ما شاء الله ان يعرفه من علومه على مقدار سعة دائرة مرتبته التي يظهر تحققه بها في اخر امره.
ثم يتعين هو في كل مرتبة وعالم يمر عليها إلى حين اتصاله بهذه النشأة العنصرية تعينا يقتضيه حكم الروح الأصلي الإلهي في ذلك العالم وتلك المرتبة، فيعلم حالتئذ مما يعلمه الروح الإلهي ما شاء الله على ما سبق التنبيه عليه، فافهم هذا، فإنه من أجل الاسرار، ومتى كشفته عرفت سر قوله صلى الله عليه وآله: كنت نبيا وادم بين الماء والطين. وسر قول ذي النون رضي الله عنه - وقد سئل عن ميثاق الست هل تذكره؟ - فقال: كأنه الان في اذنى، وقول السيد الاخر من المحققين - وقد سئل أيضا عن هذا السر - فقال: مستقر بالعهد الست هذا الميثاق بالأمس كان، وأشار إلى معرفة حضرات أخرى ومواثيق قبل الست.
ورأيت من يستحضر قبل ميثاق الست ستة مواطن أخرى ميثاقية، فذكرت ذلك لشيخنا رضي الله عنه فقال: ان قصد القائل بالحضرات الستة - التي عرفها قبل ميثاق الست - الكليات فمسلم، واما ان أراد جملة الحضرات الميثاقية التي قبل الست فهي أكثر من هذا، فنبه بهذا وغيره في ذلك المجلس وسواه انه يستحضر قبل الست مواطن جمة ويستثبت الحال فيها، فاعلم ذلك تلمح جملة من الاسرار الانسانية الكمالية الإلهية إن شاء الله.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست