الإطراب والاغتراب وركوب الأسفار الصعاب وضرب صفحة المحراب بالجراب في خدمة العلوم والآداب وفي تدويخه البلاد يقول من أبيات أنشدنيها أبو الفضل الهمذاني (وقد صارت بلا الله * في ظعني وفي حلي) (تغايرن بلبثي و * تحاسدن على رحلي) (فما أنزلها إلا * على أنس من الأهل) الهزج وكان ينتاب حضرة الصاحب ويكثر المقام عنده ويكثر سواد غاشيته وحاشيته ويرتفع بخدمته ويرتزق في جملته ويتزود كتبه في أسفاره فتجري مجرى السفاتج في قضاء أوطاره وكان الصاحب يحفظ مناكاة بني ساسان حفظا عجيبا ويعجبه من أبي دلف وفور حظه منها وكانا يتجاذبان أهدابها ويجريان فيما لا يفطن له حاضرهما ولما أتحفه أبو دلف بقصيدته التي عارض بها دالية الأحنف العكبري في المناكاة وذكر المكدين والتنبيه على فنون حرفهم وأنواع رسومهم وتنادر بإدخال الخليفة المطيع لله في جملتهم وقد فسرها تفسيرا شافيا كافيا اهتز ونشط لها وتبجح بها وتحفظ كلها وأجزل صلته عليها وقد كتب معظمها بأخرة وكان السلامي هجاه بالأبيات التي أولها (قال يوما لنا أبو دلف أبرد * من تطرق الهموم فؤاده) (لي شعر كالماء قلت أصاب الشيخ * لكن لفظه براده) (أنت شيخ المنجمين ولكن * لست في حكمهم تنال السعادة) (وطبيب مجرب مال له الحذق * في كل من يجرب عاده)
(٤١٤)